، وهنا بالأخذ تزداد مؤنة المقاسمة على الباقين ، وإنما يندفع عنهم [ ص: 96 ] سوء مجاورة المشتري ; ولهذا لا تثبت للجار المقابل ; لأن سوء المجاورة لا يتحقق إذا لم يكن ملك أحدهما متصلا بملك الآخر ، ولا شركة بينهما في حقوق الملك على أنا نقول حق الأخذ بالشفعة له ; ليترفق به من حيث توسع الملك ، والمرافق ، وهذا في الجار الملاصق يتحقق ; لإمكان جعل إحدى الدارين من مرافق الدار الأخرى ، أو لا يتحقق ذلك في الجار المقابل ; لعدم إمكان جعل إحدى الدارين من مرافق الدار الأخرى بطريق نافذ بينهما حتى إذا كانتا في سكة غير نافذة تثبت الشفعة للكل ; لإمكان جعل بعضها من مرافق البعض بأن تجعل الدور كلها دارا واحدة ، ولكن مع هذا ، الشريك مقدم عندنا ; لأن سبب الاستحقاق القرب ، والاتصال ، وذلك في حقه أقوى لوجود الاتصال بكل جزء من المبيع بجزء من ملكه ، ثم بعده للشريك في الطريق لزيادة الاتصال في حقه على الجار وقوة السبب توجب الترجيح ; ولأن الشريك يدفع بالأخذ ضرر سوء المجاورة ومؤنة المقاسمة عن نفسه ، ولا شفعة فيما إذا باع أحد الشركاء نصيبه
وقد بينا أن الحاجة إلى دفع ضرر مؤنة المقاسمة لا يصلح علة للاستحقاق فتكون علة للترجيح ; لأن الترجيح أبدا بما لا يكون علة الاستحقاق ألا ترى أن يترجح الأخ لأب وأم في العصوبة بسبب قرابة الأم ، والعصوبة لا تستحق بقرابة الأم ، ثم الترجيح يقع بها فهذا مثله وتفسير ما قلنا في الأخ لأب وأم مع الأخ لأب إذا اجتمعا ، فإذا سلم ، فالشركاء في الدار أحق بالشفعة من الشركاء في السكة ; لأنهم أميز قربا للشركة بينهم في صحن الدار ، فإن سلموا فأهل السكة أحق بالشفعة في الشركة في الطريق ، فإن سلموا ، فالجار الملاصق ، وهذا الذي على ظهر هذا المنزل وباب داره في سكة أخرى ، وقد روي عن منزل مشترك بين اثنين في دار هي في سكة غير نافذة إذا باع أحد الشريكين نصيبه من المنزل ، فالشريك في المنزل أحق بالشفعة أن مع وجود الشريك لا شفعة لأحد سواء سلم أو استوفى ; لأنهم محجوبون لحق الشريك ، وقد ثبت حقه سواء استوفى ، أو سلم ، ولكن في ظاهر الرواية الشريك مقدم ، وقد ثبت حق الجار مع الشريك لتقرر السبب في حقه ، إلا أن حق الشريك كان مقدما ، فإذا سلم كان للجار أن يستوفي كحق غرماء الصحة مع غرماء المرض في التركة ، فإنه إذا استحق أسقط حقهم بالإبراء كانت التركة لغرماء المرض بديونهم ; لأن سبب استحقاقهم ثابت ; ولهذا قلنا ينبغي للجار أن يطلب الشفعة إذا علم بالبيع مع الشريك تمكن من أخذه ، فإن لم يطلب بعد علمه حتى يسلم الشريك ، فلا حق له بعد ذلك ، وإن أبي يوسف جميعا ; لأنهم شركاء في الفناء ، والطريق ، فإن سلم هؤلاء الشفعة ، فالجار الملاصق أحق منهم بالشفعة ، وقد قال بعض أصحابنا : فناء الدار مملوك لصاحب الدار ، والأصح أنه حقه ، وليس بمملوك له ; لأن ملكه في الدار ، والدار ما أدير عليه الحائط ، والفناء اسم لصحن وراء ذلك يكون معدا لإيقاف الدواب وكسر الحطب وغير ذلك ، فإن كان ذلك في سكة غير نافذة ، فهو حق أصحاب السكة بمنزلة الطريق الخاصة لهم ، أو ملك مشترك بينهم وفي هذه الشركة الجار الملاصق ، والمقابل سواء . كان فناء منفرج من الطريق الأعظم راجعا عن الطريق ، أو زقاق ، أو درب غير نافذ [ ص: 97 ] فيه دور فبيعت دار منها فأصحاب الدور شفعاء