[ ص: 100 ] وكذلك لو كانت بينة البائع بالقبول ، وكذلك الوكيل بالشراء مع الموكل إذا اختلفا في مقدار الثمن وأقاما البينة كانت البينة بينة الوكيل ; لأنها تثبت الزيادة . وأظهر من هذا كله المشتري من العدو مع المولى القديم إذا اختلفا في ثمن العبد المأسور وأقاما البينة كانت البينة بينة المشتري من العدو ; لما فيها من إثبات الزيادة اختلف البائع ، والمشتري ، والشفيع ، فقال البائع : ثلاثة آلاف وقال المشتري : ألفان ، وقال الشفيع : ألف ، وأقاموا البينة طريقتان : إحداهما : حكاها ولأبي حنيفة عنه ، والأخرى : حكاها محمد ، فالتي حكاها أبو يوسف أن المشتري صدر منه إقرار أن أحدهما له ، والآخر عليه فكان للشفيع أن يأخذ بما عليه كما لو أقر عند القاضي بالأمرين جميعا . محمد
وبيان ذلك أن الشفيع أثبت ببينته إقرار المشتري بالشراء بألف وهذا عليه ، والمشتري أثبت ببينته إقراره بالشراء بألفين وهذا له ، وبه فارق البائع مع المشتري ; لأن هناك كل واحد منهما صدر منه إقرار أن أحدهما ما أثبته ببينة ، وهو له ، والآخر ما أثبته صاحبه ، وهو عليه فاستويا من هذا الوجه ; فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة ، والأولى أن نقرر هذا الكلام من وجه آخر ، فنقول : لا تنافي بين البينتين في حق الشفيع ، ألا ترى أنه لو اشترى مرتين مرة بألف ومرة بألفين كان للشفيع أن يأخذ بأيهما شاء ، فعرفنا أنه لا تنافي بينهما في حقه ، والاشتغال بالترجيح عند تعذر العمل بهما أولى ، فأما مع إمكان العمل بالبينتين ، فلا معنى للمصير إلى الترجيح فيجعل في حق الشفيع كأن الشراءين جميعا ثابتان فله أن يأخذ بأيهما شاء ، وهو نظير ، فإن البينة بينة العبد بهذا الطريق ، وهو أنه لا منافاة بينهما في حقه فيجعل كأن الكلامين صدرا من المولى ويعتق العبد بأداء أي المالين شاء بخلاف البائع مع المشتري إذا اختلفا ; لأن هناك العمل بالبينتين غير ممكن ، فالعقد الثاني في حقهما ناسخ للأول ; فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة ، وكذلك إن اختلفوا جميعا ; لأنه ما دام الاختلاف قائما بين البائع ، والمشتري ، فلا معتبر باختلاف الشفيع المولى مع العبد إذا اختلفا ، فقال المولى : قلت لك : إذا أديت إلي ألفين فأنت حر وقال العبد قلت لي إذا أديت إلى ألفا فأنت حر وأقاما البينة
وأما الوكيل مع الموكل إذا اختفى ، فقد روى عن ابن سماعة أن البينة بينة الموكل ; لأن الوكيل صدر منه إقراران كما بينا في ظاهر الرواية ، فالوكيل مع الموكل كالبائع مع المشتري ; ولهذا يجري التحالف بينهما عند الاختلاف في الثمن ، وقد بينا العذر فيما إذا كان الاختلاف بين البائع ، والمشتري ، فأما المولى القديم مع المشتري من العدو إذا اختلفا ، فقد نص في السير الكبير [ ص: 101 ] على أن البينة بينة المولى القديم ولم يذكر فيه قول محمد ; لما بينهما من الوحشة حين نص السير ولئن سلمنا فهناك العمل بالبينتين غير ممكن في حق المولى القديم ; لأن الشراء الثاني ناسخ للأول فصرنا إلى الترجيح بالزيادة ; لهذا ، والطريقة التي حكاها أبي يوسف أن بينة الشفيع ملزمة وبينة المشتري غير ملزمة ، والبينتان للإلزام ، فالملزم من البينتين يترجح كما في بينة العبد مع بينة المولى في مسألة التعليق وبيان هذا أنه إذا قبلت بينة الشفيع وجب على المشتري تسليم الدار إليه بألف شاء ، أو أبى ، وإذا قبلت بينة المشتري لا يجب على الشفيع شيء ، ولكنه يتخير بين أن يأخذ ، أو يترك ، وبه فارق بينة البائع ، والمشتري ; لأن كل واحدة من البينتين هناك ملزمة ، وكذلك أبو يوسف ; فلهذا صرنا إلى الترجيح بالزيادة وفي مسألة المشتري مع العبد من العدو ويقول : على هذه الطريقة البينة بينة المولى القديم ; لأنها ملزمة وبينة المشتري غير ملزمة . بينة الوكيل مع الموكل كل واحدة منهما ملزمة