( قال ) قائما أو قاعدا أو مضطجعا أكثر من سجدة واحدة لما روي أن وليس عليه في قراءة سجدة واحدة أو سماعها مرة بعد أخرى في مجلس واحد جبريل عليه السلام كان ينزل بالوحي فيقرأ آية السجدة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يقرؤها رسول الله صلى الله عليه وسلم على أصحابه ولا يسجد إلا مرة واحدة ولأن مبنى السجدة على التداخل فإن التلاوة من الأصم والسماع من السميع موجبان لها ثم لو تلاها سميع لا يلزمه إلا سجدة واحدة وقد وجد في حقه التلاوة والسماع لأن السبب واحد وهو حرمة المتلو فالقراءة الثانية تكرار محض بسبب اتحاد المجلس فلا يتجدد به المسبب وهذا الحرف أصح من الأول فإنه لو تلاها وسجد ثم تلاها في مجلسه لم يلزمه أخرى والتداخل لا يكون بعد أداء الأول فدل أن الصحيح اتحاد السبب . ولم يذكر الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكره أو سمع ذكره في مجلس مرارا فالمتقدمون من أصحابنا يجعلون هذا قياس السجدة فيقولون : يكفيه أن يصلي عليه مرة واحدة لاتحاد السبب وبعض المتأخرين يقولون : يصلي عليه في كل مرة لأنه حق رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال { لا تجفوني بعد موتي قيل : وكيف تجفى يا رسول الله ؟ قال أن أذكر في موضع فلا يصلى علي } وحقوق العباد لا تتداخل ولهذا قالوا من عطس وحمد الله في مجلس ينبغي للسامع أن يشمته في كل مرة لأنه حق العاطس والأصح أنه إذا زاد على الثلاث [ ص: 6 ] لا يشمته وفي حديث رضي الله تعالى عنه قال للعاطس بعد الثلاث : قم فانتثر فإنك مزكوم إلا أن يكون ذهب من ذلك المكان ثم رجع فقرأها فعليه سجدة أخرى لأنه تجدد له بالرجوع مجلس آخر ويتجدد المجلس بتجدد السبب للتلاوة حكما . وعن عمر رحمه الله قال : هذا إذا بعد عن ذلك المكان فأما إذا كان قريبا منه لم يلزمه سجدة أخرى فكأنه تلاها في مكانه لحديث محمد رضي الله تعالى عنه إنه كان يعلم الناس أبي موسى الأشعري بالبصرة وكان يزحف إلى هذا تارة وإلى هذه تارة فيعلمهم آية السجدة ولا يسجد إلا مرة واحدة وإن قرأ آية أخرى وهو في مجلسه فعليه سجدة أخرى لأن السبب قد تجدد فإن السجدة الثانية غير الأولى