وإذا ذلك وأبى الآخر فإني لا أقسم ذلك بينهما ; لأنه غير محتمل للقسمة وفيه ضرر على كل واحد منهما [ ص: 55 ] فإن كان بين رجلين بئر وعين أو قناة أو نهر لا أرض مع ذلك بينهما فأراد أحدهما قسمة قسمت الأرض بينهما وتركت القناة والبئر والنهر على حالها لكل واحد منهما شربه منها ، وإن كان مع ذلك أرض ليس لها شرب إلا من ذلك قسمت ذلك كله فيما بينهم ; لأنه لا ضرر على واحد منهم في هذه القسمة أو قسمة النهر والعين هنا تبع لقسمة الأراضي فهو بمنزلة البيع فالشرب يدخل في بيع الأرض تبعا ، وإن كان البيع لا يجوز فيه مقصودا ، فكذلك في القسمة ، وقال كان كل واحد منهما يقدر على أن يجعل لأرضه شربا من مكان آخر أو كانت أرضين وأنهارا متفرقة أو آبارا رحمه الله لا أجبر واحدا منهما على البيع في شيء مما سميناه في هذا الكتاب ، وإن طلب ذلك شريكه وكان أبو حنيفة رحمه الله يقول إذا كان المشترك بحيث لا يحتمل القسمة بين الشريكين فإن القاضي يجبر أحدهما على بيع نصيبه إذا طلب الآخر ذلك أو يبيع ذلك بنفسه ويقسم الثمن بينهما ; لأنه لا طريق لتوفير المنفعة على كل واحد منهما إلا هذا وإذا ثبت له ولاية الإجبار على القسمة لتوفير المنفعة على كل واحد منهما ، فكذلك يثبت له ولاية الإجبار على البيع في كل موضع تتعذر القسمة ولا يقال كل واحد منهما يقدر على بيع نصيبه وحده ; لأنه يتضرر بذلك فالأشقاص لا تشترى إلا بثمن وكس فينبغي أن تثبت له ولاية الإجبار على البيع لدفع الضرر وحجتنا في ذلك أن في الإجبار على البيع معنى الحجر على الحد ، وذلك غير جائز عندنا ، ثم كل واحد منهما متمكن من بيع نصيبه وحده فلا حاجة إلى إجبار الشريك على ذلك لنفوذ تصرفه في نصيبه تبعا قوله بأن لا يشتري منه إلا بوكس مالك
قلنا : إنه لا يملك نصيبه إلا مشتركا ويتوفر عليه نصيبه مشتركا إنما يحصل له زيادة على ذلك فلا حق له في الزيادة توضيحه أن ولاية الإجبار لمعنى الإحراز وتحصيل الملك كما في القسمة وفي الإجبار هنا إزالة الملك وللناس في أعيان الملك أغراض .
( ألا ترى ) أنه ليس لواحد منهما أن يجبر صاحبه على بيع نصيبه منه فلأن لا يكون له أن يجبره على بيع نصيبه من غيره كان أولى والله أعلم بالصواب .