بغداد فقال الغلام قد [ ص: 180 ] ذهبت بالكتاب وقال الذي أرسل إليه الكتاب لم يأتني به فعلى الغلام البينة على ما يدعي ; لأنه يدعي إبقاء المعقود عليه ، وإن أقام البينة أنه قد دفع الكتاب إليه كان الثابت بالبينة كالثابت بإقرار الخصم وله الأجر على المرسل دون من حمل الكتاب إليه ، وإن قال المرسل إليه أعطيته أجرة عشرة دراهم فعليه البينة على ذلك كما لو كان المرسل هو الذي يدعي إيفاء الأجر ، وإن أقام الغلام البينة أنه قد أتى رجل تكارى غلاما ليذهب له بكتاب إلى بغداد بالكتاب فلم يجد الرجل فله الأجر ; لأنه أتى بما استحق عليه وهو قطع المسافة إلى بغداد مع الكتاب كما أمر به ، ثم إن كان استأجره ليذهب بالكتاب ويأتي بالجواب فله أجر حصة الذهاب دون الرجوع لأنه في الرجوع غير ممتثل أمره ولا عامل له حين لم يكن الجواب معه
وإذا عاد بالكتاب حين لم يجد الرجل فلا أجر له في قول أبي حنيفة رحمهما الله وقال وأبي يوسف رحمه الله : له ما يخص الذهاب من الأجر ; لأنه في الذهاب عامل له كما أمر به فتقرر حقه في الأجر بقدره كما لو ترك الكتاب هناك عند أهل من أرسل إليه وهذا بخلاف ما إذا استأجره ليحمل طعاما إلى محمد بغداد فحمله ، ثم عاد به ; لأن استحقاق الأجر هناك بنقل الطعام من مكان وقد نقص ذلك حين عاد بالطعام فلم يبق تسليم شيء من المعقود عليه وهنا الأجر له بقطع المسافة إذ ليس للكتاب حمل ومؤنة فلا يصير بالرجوع ناقصا عمله سواء عاد بالكتاب أو لم يعد وأبو حنيفة رحمهما الله يقولان شيء من مقصود الأمر لم يحصل بعمله فلا يستوجب الأجر عليه كما لو ذهب من جانب آخر وبيان ذلك أن مقصود الأمر أن يصل الكتاب إلى المرسل إليه ويصل الجواب إليه وحين عاد بالكتاب صار الحال كما قبل ذهابه من حيث إن شيئا من مقصود الأمر غير حاصل ، فأما إذا ترك الكتاب هناك فبعض مقصوده حاصل ; لأن المكتوب إليه إذا حضر وقف على ما في الكتاب ويبعث بالجواب على يد غيره فلحصول بعض المقصود هناك ألزمناه حصة الذهاب من الأجر . وأبو يوسف