باب الاستئجار على ضرب اللبن وغيره
( قال رحمه الله . وإذا فإن كان الملبن معلوما فهو جائز ) ; لأن العمل يتفاوت بحسب الملبن . فإذا كان مجهولا فهذه الجهالة تفضي إلى المنازعة ، وبعد ما كان معلوما فلا منازعة بينهما فإن أسد لبنه المطر قبل أن يرفعه أو انكسر فلا أجر عليه ; لأنه لا يصير العمل مسلما إلى المستأجر ما لم يصر لبنا فما دام على الأرض فهو طين لم يصر لبنا بعد . استأجر الرجل رجلا ليضرب له لبنا في داره
( ألا ترى ) أنه لو ترك كذلك فسد وصار وجه الأرض فإن أقامه فهو بريء منه اللبان في قول رحمه الله وله الأجر ، وإن فسد بعد ذلك أبي حنيفة وعندهما لا حتى يجف . فإذا جف وأشرح فحينئذ له الأجر ومذهبهما استحسان اعتبرا فيه العرف واللبان هو الذي يتكلف لذلك في العادة ومثل هذا يصير مستحقا بمطلق العقد كإخراج الخبز من التنور وغرف القدور في القصاع يكون مستحقا على الطباخ عند الاستئجار في الوليمة رحمه الله أخذ بالقياس فقال المستحق عليه يصير الطين لبنا ، وقد فعل فإنه لما أقام من وجه الأرض عرفنا أنه صار لبنا وخرج من أن يكون طينا فالطين ينتشر على وجه الأرض ، ولأن الإقامة لتسوية أطرافه ، وذلك من عمل اللبان . وأبو حنيفة
فأما بعد ذلك الجفاف ليس من عمل اللبان والتشريح كذلك فإنه جمع اللبن ، وليس بعمل ليخدمه في العين فهو كالنقل إلى موضع البناء ، وذلك لا يستحق على اللبان توضيحه أن المستأجر قد ينقل اللبن إلى موضع العمل قبل أن يشرحه فلم يكن التشريح من المقاصد لا محالة بخلاف الإقامة فإنه لا ينقله إلى موضع العمل قبل الإقامة فصار ذلك مستحقا له على اللبان لما عرف من مقصود المستأجر ، وهذا كله إذا كان يقيم العمل في ملك المستأجر . فأما في غير ملكه ما لم يشرحه ويسلمه إلى المستأجر لا يخرجه من ضمانه حتى إذا فسد قبل أن يسلمه إليه لم يكن له الأجر إلا على قول رحمه الله ، وقد بينا نظيره في الخياط والفرق بينهما إذا كان يعمل في بيت نفسه ، أو في بيت المستأجر . زفر