وإذا فعلى قول وجد القاضي في ديوانه صحيفة فيها شهادة شهود لا يحفظ أنهم شهدوا عنده بذلك رحمه الله أن يتفكر في ذلك حتى يتذكر ، وليس له أن يقضي بذلك إن لم يتذكر ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله إذا وجد ذلك في قمطرة تحت خاتمه فعليه أن يقضي به ، وإن لم يتذكر ، وهذا منهما نوع رخصة فالقاضي لكثرة اشتغاله يعجز أن يحفظ كل حادثة ; ولهذا يكتب ، وإنما يحصل المقصود بالكتاب إذا جاز له أن يعتمد على الكتاب عند النسيان فإن الآدمي ليس في وسعه التحرز عند النسيان . ومحمد
( ألا ترى ) إلى ما ذكر الله تعالى في حق من هو معصوم فقال الله تعالى { سنقرئك فلا تنسى إلا ما شاء الله } ، وفي تخصيصه بذلك بيان أن غيره ينسى وسمي الإنسان إنسانا ; لأنه ينسى قال الله تعالى { . ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما } فلو لم يجز له الاعتماد على كتابه عند نسيانه أدى إلى الحرج والحرج مدفوع ، ثم ما كان في قمطرة تحت خاتمه فالظاهر أنه حق ، وإن لم يصل إليه يد معتبرة ولا زائدة فيه والقاضي مأمور باتباع الظاهر ومذهب رحمه الله هو العزيمة فالمقصود من الكتاب أن يتذكر إذا نظر فيه ; لأن الكتاب للقلب كالمرآة للعين ، وإنما تعتبر المرآة ليحصل الإدراك بالعين . فإذا لم يحصل كان وجوده كعدمه . أبي حنيفة
فكذلك الكتاب للتذكر بالقلب عند النظر فيه فإذ لم يتذكر كان وجوده كعدمه ، وهذا ; لأن الكتاب قد يزور ويفتعل به والخط يشبه الخط والخاتم يشبه الخاتم ، وليس للقاضي أن يقضي إلا بعلم وبوجود الكتاب لا يستفيد العلم مع احتمال التزوير والافتعال فيه وهذه ثلاثة فصول أحدهما ما بينا والثاني في والثالث إذا سمع الحديث فوجده مكتوبا بخطه ووجد سماعه مكتوبا غيره وهو خط معروف ، ولكنه لم يذكر في الفصول الثلاثة عند الشاهد إذا وجد شهادته في صك وعلم أنه خطه وهو معروف ، ولكن لم يتذكر الحادثة رحمه الله ليس له أن يعتمد الكتاب ; ولهذا قلت له [ ص: 93 ] روايته ; لأنه كان يشترط في الرواية الحفظ من حين سمع إلى أن يروي وإليه أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { أبي حنيفة } نضر الله امرأ سمع منا مقالة فوعاها كما سمعها ، ثم أداها إلى من يسمعها رحمه الله في الفصول الثلاثة أخذ بالرخصة للتيسير على الناس . ومحمد
وقال يعتمد خطه إذا كان معروفا رحمه الله في مسألة القاضي ورواية الحديث أخذ بالرخصة ; لأن المكتوب كان في يده ، وفي مسألة الشهادة أخذ بالعزيمة فقال الصك الذي فيه الشهادة كان في يد الخصم فلا يأمن الشاهد التغيير والتبديل فيه فلا يعتمد خطه في الشهادة ما لم يتذكر الحادثة ، وإن وأبو يوسف فهو على الخلاف الذي بينا ، وإن وجد القاضي سجلا في خريطته ولم يتذكر الحاجة فإن تذكر أمضاه ، وإن لم يتذكر فلا إشكال أن على قول نسي قضاءه ولم يكن سجل فشهد عنده شاهد أنك قضيت بكذا لهذا على هذا رحمه الله لا يقضي بذلك وقيل على قول أبي حنيفة رحمه الله لا يعتمد ذلك ، وعند أبي يوسف رحمه الله يعتمد ذلك فيقضي به وعلى هذا من محمد فعند سمع من غيره حديثا ، ثم نسي ذلك راوي الأصل فسمعه ممن يروي عنده رحمه الله ليس له أن يعتمد رواية الغير عنه كما لا يفعل ذلك شاهد الأصل إذا شهد عنده شاهد الفرع على شهادته ، وعند أبي يوسف رحمه الله له أن يعتمد ذلك للتيسير من الوجه الذي قلنا وعلى هذه المسائل التي اختلف فيها محمد أبو يوسف رحمهم الله في الرواية في الجامع الصغير وهي ثلاث مسائل سمعها ومحمد من محمد رحمهما الله ، ثم نسي ذلك أبي يوسف رحمه الله فكان لا يعتمد رواية أبو يوسف رحمه الله بناء على مذهبه في ذلك محمد رحمه الله كان لا يدع الرواية مع ذلك بناء على مذهبه فحال القاضي كذلك . ومحمد