ولو قضيت له بالميراث ; لأنه أثبت سبب الوراثة مفسرا بالحجة فإن جاء آخر وأقام البينة أن الميت ابنه ولد على فراشه ، وإن هذا أبوه لا وارث له غيره جعلت الميراث لهذا وأبطلت القضاء للأول ; لأن البينة الثابتة طاعنة في البينة الأولى دافعة لها فإنه يتبين بها أن الأول لم يكن خصما في إثبات نسب الميت ، وأنه كان محجوبا عن الميراث بمن هو أقرب منه ولا تقبل البينة من غير خصم ; فلهذا يبطل القضاء الأول . مات رجل فأقام آخر البينة أن الميت فلان ابن فلان ، وأنه فلان ابن فلان حتى يلتقوا إلى أب واحد وهو عصبته وأقاربه لا يعلمون له وارثا غيره
وإن أقام الثاني البينة أن الميت فلان ابن فلان ونسبه إلى أب آخر وقبيلة أخرى ، وأنه فلان ابن فلان عمه إلى أب واحد لا وارث له غيره لم أحول النسب بعد أن يثبت من فخذ ومن أب إلى أن يجيء من هو أقرب من الذي جعلت له الميراث ; لأن البينة الثانية ليست بطاعنة في الأولى ، ولكنها معارضة للأولى ، وعند المعارضة الأولى ترجح الأولى لاتصال القضاء بها فلا تقبل البينة الثانية ; لأن الجمع بينهما متعذر والقضاء النافذ لا يجوز إبطاله بدليل مشتبه وهو كمن لم يقبل ذلك منه ولو أقام البينة على النتاج قبل ذلك منه ; لأن هذه البينة طاعنة في البينة الأولى دافعة لها ، وكذلك إن ادعى دابة في يد إنسان أنها له ، ثم أقام البينة فقضى القاضي بها له ، ثم أقام ذو اليد البينة أنها لهلم تقبل ولو أقام البينة على النكاح بتاريخ سابق قبلت بينته ; لأنها طاعنة في البينة الأولى أقام رجل البينة على نكاح امرأة بتاريخ وقضى القاضي له بذلك ، ثم أقام آخر البينة على نكاحه بذلك التاريخ أيضا