فالشهادة باطلة ; لأن المدعي لا بد أن يدعي أحد السببين ، وبه يكون مكذبا أحد الشاهدين لا محالة ، ولأن الهبة غير البيع ، وليس على واحد من السبيين حجة تامة ، وكذلك لو رجل يدعي دارا في يد رجل أنها له وشهد له بها شاهدان أحدهما بالشراء والآخر بالهبة فهو باطل للمعنيين ، وكذلك لو شهد أحدهما بالهبة والآخر بالصدقة ، أو الرهن ، أو الميراث أو الوصية فهو باطل للمعنيين . وإذا شهد أحدهما بالميراث والآخر بالوصية . وقال لم يهبها لي قط ، وقد ادعى الهبة عند القاضي فهذا إكذاب منه لشاهديه وهو تناقض منه في الكلام فقد زعم مرة أنه لم يتصدق بها عليه ، ثم ادعى الصدقة بعد ذلك وزعم مرة أنه وهبها له ، ثم قال لم يهبها لي قط ولا تناقض أظهر من هذا ومع التناقض لا يسمع دعواه والبينة لا تقبل إلا بعد دعوى صحيحة ، ثم إكذاب المدعي شاهده تخرج شهادته من أن تكون حجة له ، وكذلك لو ادعى دارا في يد رجل أنه وهبها له ، وأنه لم يتصدق بها عليه وأقام شاهدين على الصدقة فهو باطل لمعنى التناقض والإكذاب فإن ادعاها هبة ولم يقل لم يتصدق بها علي قط ، ثم جاء بعد ذلك بشهود على الصدقة . وقال لما جحدني الهبة سألته أن يتصدق بها علي ففعل أجزت هذا ; لأنه وفق بين كلاميه بتوفيق صحيح فينعدم له الإكذاب والتناقض [ ص: 173 ] ادعى أنها ميراث لم يشترها قط ، ثم جاء بعد ذلك فقال هي بشراء ولم أرثها قط وجاء بشاهدين على الشراء منذ سنة
( ألا ترى ) أنا لو عاينا ما أخبر به كان الملك ثابتا له بجهة الصدقة . فكذلك إذا أخبر به وأثبته بالبينة ، وكذلك لو قال ورثتها ، ثم قال جحدني الميراث فاشتريتها منه وجاء بشاهدين على الشراء ; لأن معنى التناقض والإكذاب انعدم بتوفيقه ، وهذا بخلاف ما لو كان ادعى الشراء أولا ، ثم جاء بشاهدين يشهدان على أنه ورثه من أبيه ; لأن في هذا الموضع لا وجه للتوفيق ; لأنه لا يمكنه أن يقول اشتريتها منه كما ادعيت ، ثم جحدني الشراء فورثتها من أبي .