وإذا فهو بينهما نصفين على قول تنازع الرجلان في حائط ووجه البناء إلى أحدهما رحمه الله وتحكيم وجه البناء لبس أبي حنيفة وعندهما الحائط لمن إليه وجه البناء وأنصاف اللبن ، وقد بينا هذا في كتاب الدعوى في الحائط والحصن جميعا فإعادته هنا لفروع ذكرناها على سبيل الاحتجاج رحمه الله . وقال : قد يجعل الرجل وجه الحائط إلى الطريق فلا يكون ذلك دليلا على أن الحائط غير مملوك له ، وقد يكون أحد جانبي الحائط مجصصا فلا يكون دليلا على القضاء بالحائط لمن يكون جانبه مجصصا . لأبي حنيفة
وكذلك قد يكون في أحد الوجهين من الحائط روازن أو طاقات فلا يكون ذلك دليلا على ترجيح أحدهما فكذلك وجه البناء وأبو يوسف [ ص: 59 ] رحمهما الله يقولان في الحصن والروازن كذلك ، فأما إذا كان الحائط مبنيا بطاقات فالحائط للذي إليه الطاقات ومحمد عندهما ; لأن الطاقات بمنزلة وجه البناء والظاهر أن الذي يبني الحائط يجعل الطاقات إلى جانب نفسه ; لأن الجانب الذي يكون فيه الطاقات يبنى مستويا ، وإنما يعتبر الحائط من جانب نفسه لا من جانب جاره ولهذا جعل وجه البناء حكما فكذلك الطاقات ، وقال : وإن كانت الروازن في البناء من الآجر فهي مثل الطاقات فهذا اللفظ دليل على أنهما إنما لم يعتبرا الروازن الموجودة في الحائط ، فقد يحفر ذلك صاحب الحائط ، وقد يحفر جاره ليدخل فيه الضوء
فأما ما كان يعلم أنه مبني مع الحائط من الروازن فإنه يجعل حكما عندهما بمنزلة الطاقات ويقضى بالحائط لمن إليه استواء تلك الروازن ; لأن الباني للحائط يراعي الاستواء من جانب نفسه لا من جانب جاره ، وإن كان الباب في حائط فادعاه كل واحد منهما وغلق الباب إلى أحدهما فالباب والحائط بينهما نصفين في قول رحمه الله ، وفي أبي حنيفة قولهما الحائط بينهما نصفين والباب الذي إليه الغلق اعتبرا فيه العادة فإن الذي يركب الباب على الحائط يجعل الغلق في جانبه اعتبر القياس أن الغلق متنازع فيه كالباب والعادة مشتركة قد يجعل الغلق إلى جانبه ، وقد يجعل إلى جانب جاره فكان بينهما نصفين ، فإن كان له غلقان من كل جانب واحد فهو بينهما نصفين عندهم جميعا لاستوائهما في الدعوى والشاهد بالعلامة ، ولما تعارض الغلقان جعل كأنه لا غلق على الباب فيقضى به بينهما نصفين كالحائط ، والله أعلم بالصواب . وأبو حنيفة