وكذلك لو ; لأنه وكيل بقبض العين ، والوكيل بقبض العين لا يكون خصما فيما يدعي على الموكل من شراء أو غير ذلك ، لكنه خصم في قصر يده عنه ، فتقبل البينة عليه في هذا الحكم ، ولو وكله بنقل امرأته إليه فأقامت البينة : أن زوجها طلقها ثلاثا ، أو وكله بقبض دار فأقام ذو اليد البينة : أنه اشتراها من الموكل ، قبل ذلك منه في قول وكله بقبض دين له فأقام الغريم البينة : أنه قد أوفاه الطالب - رحمه الله - لأن الوكيل بقبض الدين عنده يملك خصومته فيكون خصما عن الوكيل فيما يدعي عليه من وصول الحق إليه ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف - رحمهما الله - الوكيل بقبض الدين كالوكيل بقبض العين في أنه نائب محض ، فتقصر وكالته على ما أمر به ، فلا يملك الخصومة ولا يكون خصما فيما يدعي على الموكل ، وقاساه بالرسول فإن الرسول بقبض الدين لا يملك ، فكذلك الوكيل ; لأن كل واحد منهما لا يلحقه شيء من العهدة . ومحمد
- رحمه الله - يقول : " الوكيل بقبض الدين وكيل بالمبادلة فيكون خصما كالوكيل بالبيع " وبيان ذلك أن الديون تقضى بأمثالها ، فكأن الموكل وكله بأن يملك المطلوب ما في ذمته بما يستوفى منه ، بخلاف الوكيل بقبض الدين فليس فيه من معنى التمليك شيء ، ثم قبض الدين من وجه مبادلة ، ومن وجه كأنه غير حق الموكل ; لأن من الديون ما لا يجوز الاستبدال به فلاعتبار شبهه بقبض العين قلنا : " لا تلحقه العهدة في المقبوض " ولاعتبار شبهه بالمبادلة قلنا : " يملك الخصومة " وليس هذا كالرسول فإن الرسول في البيع لا يخاصم بخلاف الوكيل ، فكذلك في قبض الدين ، وهذا لأن الرسالة غير الوكالة ، ألا ترى أن الله تعالى سمى وأبو حنيفة محمدا صلى الله عليه وسلم رسولا إلى الخلق بقوله تعالى { يا أيها الرسول } ونفى عنه الوكالة بقوله { قل لست عليكم بوكيل } وقال الله تعالى { وما أنت عليهم بوكيل } فظهرت المغايرة بينهما ، والله أعلم .