وكذلك إلا على قول الوكيل بالبيع ليس له أن يوكل غيره به - رحمه الله تعالى - فإنه يقول : لما ملك [ ص: 32 ] الوكيل التصرف بنفسه بعد الموكل ملك التفويض إلى غيره بالوكالة ، كما في حقوق نفسه ، ولكنا نقول : الموكل وصي برأي الوكيل الأول ، والناس يتفاوتون في الرأي ، فلا يكون رضاه برأيه فيما يحتاج فيه إلى الرأي رضا برأي غيره ، وكان هو في توكيل الغير به مباشرا غير ما أمره به الموكل ومتصرفا على خلاف ما رضي به ، فلا يجوز إلا أن يبيع الوكيل الثاني بمحضر من الوكيل الأول ، فحينئذ يجوز عندنا استحسانا ، وعند ابن أبي ليلى - رحمه الله - : لا يجوز ، كما لو باعه في حال غيبته وهذا ; لأن حقوق العقد إنما تتعلق بالعاقد والموكل ، إنما رضي بأن تتعلق الحقوق بالوكيل الأول دون الثاني ، ولو جاز بيع الثاني بمحضر من الأول تعلقت الحقوق به دون الأول ، ولكنا نقول : مقصود الموكل من هذا أن يكون تمام العقد برأي الوكيل الأول ; وإن كان هو حاضرا فإتمام العقد برأيه فكان مقصوده حاصلا بخلاف ما إذا كان عاما ، والدليل عليه أنه إذا كان حاضرا يصير كأنه هو المباشر للعقد ، ألا ترى أن الأب إذا زوج ابنته البالغة بشهادة رجل واحد بحضرتها يجعل كأنها هي التي باشرت العقد ، حتى يصلح الأب أن يكون شاهدا ، ولا معتبر بالعقد فإنه لو باعه غيره فأجاز الوكيل جاز ; لأن تمام العقد برأيه ، وإن كانت حقوق العقد تتعلق بالمباشر عند الإجازة فكذلك إذا باع بمحضر منه . زفر