وإن فهو جائز ; لأن الجنس صار معلوما بالتسمية ، وإن بقيت الجهالة في الوصف ، فسخ الوكالة بدون تسمية الثمن ، فإن قيل : لا كذلك ، فإن الحمير أنواع : منها ما يصلح لركوب العظماء ، ومنها ما لا يصلح إلا للحمل عليها ، قلنا : هذا اختلاف الوصف مع أن ذلك يصير معلوما بمعرفة حال الموكل ، حتى قالوا بأن القاضي إذا أمر إنسانا بأن يشتري له حمارا فإنه ينصرف إلى ما يركبه مثله ، حتى لو اشتراه مقطوع الذنب ، أو الأذنين ، فإنه لا يجوز عليه ، بخلاف ما إذا أمره الفاليري بذلك ، وإذا أمره أن يشتري له ثوبا ، لم يجز ، وإن سمى الثمن ; لأن الثوب يشتمل على أجناس مختلفة ، فبالتسمية لا يصير الجنس معلوما ، وإن قال : اشتر لي حمارا ، ولم يسم الثمن جاز على الآمر ما اشترى من ذلك الجنس ، وإن لم يسم الثمن ; لأن الجهالة إنما بقيت في الصفة ، ولكن إنما ينفذ على الآمر ، إذا اشتراه بما يتغابن الناس في مثله ، فإن اشتراه بما لا يتغابن الناس في مثله ، كان مشتريا لنفسه ; لأنه تعذر تنفيذ شرائه على الآمر ، لما بينا ، وأمكن تنفيذه على العاقد ، فصار مشتريا لنفسه ، وإن سمى ثمنا فزاد عليه شيئا ، لم يلزم الآمر ; لأنه خالف ما سمى [ ص: 41 ] له إلى ما هو أضر عليه ، وكذلك إن نقص من ذلك الثمن ; لأنه لم يحصل مقصود الآمر ، فإن مقصوده ثوب يهودي يشترى له بالثمن لا بما دونه ، والجيد يشترى بعشرة ، فإذا اشتري بثمانية كان رديئا ، إلا أن يكون قال : اشتر لي ثوبا هرويا فحينئذ يجوز على الآمر ; لأنه حصل مقصوده حين اشتراه بتلك الصفة ; وخالفه إلى ما هو خير له حين اشتراه بأقل من ذلك الثمن ، وهذا لا يعد في العرف خلافا . وصف له صفة وسمى له ثمنا ; فاشترى بتلك الصفة بأقل من ذلك الثمن ،