ولو لم يكن له أن يغسلها عندنا وقال ماتت امرأة بين الرجال وفيهم زوجها رضي الله تعالى عنه : له ذلك لحديث { الشافعي رضي الله تعالى عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهي تقول : وارأساه فقال : وأنا وارأساه لا عليك إنك لو مت غسلتك وكفنتك وصليت عليك عائشة } وما جاز لرسول الله صلى الله عليه وسلم يجوز لأمته إلا ما قام عليه دليل وإن رضي الله تعالى عنه غسل عليا بعد موتها ولأن النكاح انتهى بينهما بالموت فيفيد الباقي منهما حل الغسل كالرجل إذا مات وهذا لأن المنتهى متقرر في حق أحكامه نحو الإرث وغيره ولأن الملك جعل كالقائم لحاجة الميت منهما إلى الغسل وملك الحل مشترك بينهما . فاطمة
( ولنا ) حديث رضي الله عنهما { ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن امرأة تموت بين رجال فقال : تيمم الصعيد } ولم يفصل بين أن يكون فيهم زوجها أو لا يكون والمعنى فيه أن النكاح بموتها ارتفع بجميع علائقه فلا يبقى حل المس والنظر كما لو طلقها قبل الدخول وبيان الوصف أنها بالموت صارت محرمة ألبتة والحرمة تنافي النكاح ابتداء وبقاء ولهذا جاز للزوج أن يتزوج بأختها وأربع سواها بخلاف ما إذا مات الزوج ثم الزوج بالنكاح مالك والمرأة مملوكة فبعد موته يمكن إبقاء صفة المالكية له حكما لبقاء محل الملك فأما بعد موتها فلا يمكن إبقاء الملك مع فوات المحل ومعنى قوله عليه الصلاة والسلام : غسلتك أي : قمت بأسباب غسلك كما يقال بنى فلان دارا وإن لم يكن هو بنى وحديث رضي الله تعالى عنه أنه غسلها فقد ورد أن علي غسلتها فاطمة ولو ثبت أن أم أيمن رضي الله تعالى عنه غسلها فقد أنكر عليه عليا رضي الله عنه حتى قال له ابن مسعود : أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي زوجتك في الدنيا والآخرة فادعاؤه الخصوصية دليل على أنه كان معروفا بينهم أن الرجل لا يغسل زوجته وقد قال عليه الصلاة والسلام { فاطمة } فهذا دليل على الخصوصية في حقه وفي حق : كل سبب ونسب [ ص: 72 ] ينقطع بالموت إلا سببي ونسبي رضي الله تعالى عنه أيضا لأن نكاحه كان من أسباب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا لم تغسل يممها فإن كان من ييممها محرما لها يممها بغير خرقة وإن كان أجنبيا ييممها بخرقة يلفها على كفه ويعرض وجهه عن ذراعيها دون وجهها لأن في حالة حياتها ما كان للأجنبي أن ينظر إلى ذراعيها فكذلك بعد الموت وإن علي علموها غسل الميت لتغسلها ثم يصلي عليها الرجال لما بينا كان معهم امرأة كافرة