وإذا - فهو ضامن لما هلك عند القصار ; لأنه غير مأمور [ ص: 54 ] بالدفع إليه للقصارة ، فيكون بهذا الدفع مخالفا ضامنا ما هلك عند القصار ، فإن رجع إلى يد الوكيل ; برئ من ضمانه ، لأنه أمين خالف ، ثم عاد إلى الوفاق ، فلا يكون ضامنا لما هلك وكله ببيع عدل زطي له ، فعمد الوكيل إلى العدل ، وقصره لأنه هو الذي استأجره ، وإن باعه بعد القصارة ; فالثمن كله للموكل ، ولا شيء منه للوكيل ، باعتبار الأجرة للقصارة ; لأن القصارة ليست بعين مال قائم في الثوب ، وإنما هي إزالة الدرن ، والوسخ عن الثوب ، فإن اللون الأصلي للقطن إنما هو البياض ، ويتغير ذلك بالوسخ ، فإذا أزيلت عند القصارة ; عاد اللون الأصلي ، فإذا لم يكن للوكيل عين مال قائم باعتبار القصارة ; لا يكون له من الثمن حصة ، وكذلك إن فتل الثياب ، فأما إذا صبغها بعصفر ، أو زعفران ; فهو مخالف بما صبغ ; لأن صاحب الثوب ، لم يأمره به ، فهو كمودع ، أو غاصب صبغ الثوب ، فلصاحب الثوب أن يضمنه قيمة ثوبه أبيض ، وإن شاء أخذ الثوب منه ، ورد عليه ما زاد العصفر والزعفران فيه ، وإن شاء ; باعه الوكيل ، وضارب الآمر في الثمن بقيمة الثوب أبيض ، وضارب الوكيل ، بما زاد الصبغ فيه ; لأن الصبغ عين مال قائم في الثوب ، فيسلم للوكيل ما يخصه من الثمن ، وكان الخيار للمالك ; لأنه صاحب الأصل ، فإن الصبغ تبع ; لأن قيامه بالثوب ، وقيام البيع يكون بالأصل ; ولأن الثوب قائم من كل وجه ، والصبغ مستهلك من وجه دون وجه ; فلهذا كان الخيار لصاحب الثوب ، ولو صبغه أسود فعلى قول ، وأجرة القصار تكون على الوكيل ; - رحمه الله - : السواد نقصان في الثوب لا زيادة ، فللموكل أن يأخذه ، ولا يعطي الوكيل ، فالثمن كله للآمر ، وعندهما السواد بمنزلة العصفر والزعفران ، وقيل : هذا اختلاف عصر وزمان ، فإن لبس السواد ، لم يكن ظاهرا في زمن أبي حنيفة - رحمه الله - فعده نقصانا في الثوب ، وقد ظهر في عهدهما فقالا : زيادة أبي حنيفة
وقيل : بل هذا يختلف باختلاف الثياب : فمن الثياب ما ينقص السواد من قيمته كالقصب ونحوه ، فيكون ذلك نقصانا فيه كما قال - رحمه الله - ومن الثياب ما يزيد السواد في قيمته ، فيكون الجواب فيه كما قالا ، وكان أبو حنيفة - رحمه الله - يقول بقول أبو يوسف ، فلما قلد القضاء ، وكلف السواد ; احتاج فيه إلى مؤنة فرجع وقال : السواد زيادة ، ثم الوكيل في هذا كله على وكالته في بيعه ، لأن ما عرض لا ينافي ابتداء التوكيل ، ولا يخرج المحل من أن يكون صالحا للتصرف . أبي حنيفة