وإذا كان فهو جائز ; لأن ما يرجع به الكفيل على الأصيل ليس بسلم فإن السلم اسم لما يجب بعقد السلم وهذا إنما يجب للكفيل على الأصيل بعقد الكفالة وهو عقد آخر سوى السلم . لرجل على رجل حنطة سلم وبه كفيل فأداه الكفيل ثم صالح المكفول عنه على دراهم أو عرض أو مكيل أو موزون يدا بيد
( ألا ترى ) أنه لو كفل ببدل الصرف أو برأس مال السلم وأداه في المجلس ثم فارق الأصيل قبل أن يرجع به عليه جاز ذلك ; لأن ما يرجع به [ ص: 67 ] الكفيل على الأصيل بمنزلة بدل القرض فإن الكفيل يصير مقرضا ذمته من الأصيل بالالتزام للمطالبة بالكفالة ثم يصير مقرضا ماله منه بالأداء عنه فما يرجع به عليه يكون بدل القرض . صحيح . والاستبدال ببدل القرض
ولو كان شيء من ذلك نسيئة لم يجز إلا الطعام ; لأن ذلك يكون دينا بدين فأما إذا ; فهو جائز ; لأنه لا مبادلة هنا بل هو تأجيل في عين ما استوجب الرجوع به عليه . فإن قيل : فأين ذهب قولكم : إنه بمنزلة القرض صالحه بكر من حنطة إلى أجل لا يلزم . والأجل في القرض
قلنا : هو في حكم القرض وأما في الحقيقة فليس بقرض بل هو واجب بعقد مآلا ، وهو الكفالة والأجل في القرض إنما لم يلزم بمنزلة الإعارة ، وهو غير موجود فيما وجب بعقد الكفالة فلهذا صح تأجيله فيه ولو صالحه على شيء قبل أن يؤدي كان جائزا ; لأنه بنفس الكفالة وجب الدين للكفيل على الأصيل كما وجب للطالب على الكفيل ولكنه مؤجل على أن يؤدي عنه .
صحيح . فإن أدى الأصيل الطعام إلى الطالب رجع على الكفيل بطعام مثله في ذلك كله ( ما خلا خصلة واحدة ) وهي ما إذا كان صالحه على طعام أقل من ذلك فإنه لم يرجع إلا بمثل ما أعطاه ; لأن هذا كان منه إسقاطا لبعض حقه واستيفاء للبعض فلا يرجع عليه إلا بقدر ما أوفاه وفيما سواه كان الصلح بينهما مبادلة وكان الكفيل كالمستوفي منه جميع الطعام بما أخذه من عوضه وإنما استوفى ذلك ليقضي عنه ما عليه للطالب فإذا لم يفعل كان للأصيل أن يرجع عليه بما استوفى منه كما إذا أوفاه الطعام حقيقة . ولو أخذ الكفيل الطعام من الأصيل قبل أن يؤديه ثم أداه ; كان التأجيل صحيحا ; لأنه استوجب المال عليه بعقد الكفالة قبل الأداء . والصلح عن الدين المؤجل قبل حلول الأجل
صحيح . ولو والتأجيل في الدين بعد وجوبه فالصلح باطل ; لأنه استوجب عليه الطعام دينا ، فإذا صالحه على دراهم كان دينا بدين فلا يكون عفوا بعد المجلس . صالح الكفيل الأصيل على دراهم ثم افترقا قبل أن يقبضها
والدراهم لا تتعين بالتعيين ما لم تقبض ، وكذلك لو ما خلا الطعام فإنه إن صالحه على نصف كر حنطة إلى أجل فهو جائز ; لأنه لا مبادلة بينهما في هذا الصلح ، وإنما حط عنه نصف كر وأجله في ذلك النصف وذلك مستقيم . والله أعلم . صالحه على شيء بغير عينه مما يكال أو يوزن