وإذا كان لم يصدق واحد منهما على ذلك إلا بحجة ; لأنه يدعي خلاف المعلوم بطريق الظاهر فعلى كل واحد منهما البينة على ما ادعى فإن لم يكن له بينة ; يحلف كل واحد منهما على دعوى صاحبه لأنه يدعي على صاحبه ما لو أقر به لزمه وأيهما نكل عن اليمين ; فنكوله بمنزلة إقراره فيثبت بنكوله أن أصل المال عليه ، وإن حلفا جميعا ثم أدى أحدهما المال رجع على صاحبه بنصفه لأن دعوى كل واحد منهما تنفي عن صاحبه نصيبه وقيل : هذه الدعوى إذا كان أدى أحدهما المال ; رجع على صاحبه بالنصف لاستوائهما في الضمان إن قامت البينة من الأصيل أن المال على أحدهما . والآخر كفيل ولم يعرفوا ذلك فهذا بمنزلة من لم تقم عليه بينة لأن المشهود عليه بالأصالة منهما مجهول ، والشهادة على المجهول لا تكون مقبولة ولا تبطل هذه الشهادة حق الطالب ولا توهنه لأنها لا تمس حقه ، وإن أقر الطالب أن الأصل على أحدهما والآخر كفيل لم يصدق على ذلك ; لأن إقراره ليس بحجة لأحدهما على صاحبه وشهادته في ذلك لا تكون مقبولة ; لأن المال له فإنما يشهد لنفسه على أحدهما بأن جميع المال عليه ، وكذلك لو كان للطالب ابنان فشهدا بذلك لأنهما يشهدان لأبيهما وهذا إذا لم يكن على أصل المال بينة أنه عليهما وكل واحد منهما ضامن . فإن كان على أصل المال بينة بذلك ; فشهادة ابني الطالب جائزة لأنهما لا يثبتان بشهادتها حق أبيهما ، وإنما يشهدان لأحد الغريمين على الآخر أنه هو الأصيل وأن صاحبه كفيل فلا تتمكن التهمة في هذه . وكذلك إن كان الغريمان مقرين بالمال ; لأن حق الطالب عليهما ثابت بإقرارهما فشهادة ابني الطالب على هذا لا تكون لأبيهما وإنما تكون لأحدهما على الآخر . لرجل على رجلين ألف درهم ، وكل واحد منهما كفيل عن صاحبه بجميع المال فادعى كل واحد منهما على صاحبه أنه كفيل عنه
ولو شهد ابنا أحدهما أن الأصل على أبيه ، والآخر كفيل عن أبيه ; جاز لأنهما يشهدان على أبيهما ولو شهدا أن الأصل على الآخر وأن أباهما كفيل به عنه لم تجز شهادتهما لأنهما يدفعان بهذه الشهادة عن أبيهما مغرما ، ويجران إليه المنفعة فكانا متهمين فيه . والله تعالى أعلم بالصواب .