وأظهر من هذا كله فإنه لو صلح الفضولي صح الصلح بالاتفاق ومعلوم أن بإقراره لا يثبت المال على المدعى عليه وإنما صح هذا الصلح بطريق الإسقاط لظهور الحق في جانب المدعي دون المدعى عليه فكذلك إذا صالح مع المدعى عليه بل أولى ; لأن المدعى عليه ينتفع بهذا الصلح والفضولي لا ينتفع به ووجوب المال عوضا عن الإسقاط على من ينتفع به أسرع ثبوتا منه على من لا ينتفع به . قال للمدعي إن المدعى عليه قد أقر معي سرا وأنت محق في دعواك فصالحني على كذا من المال وضمن له ذلك فصالحه
( ألا ترى ) أنه لو خالع امرأته على مال وجب المال عليها ، وإن لم يضمن بخلاف ما لو كان الخلع مع أجنبي ( يقرره ) أن الفضولي لا يمتلك بهذا الصلح شيئا ، ثم يلزمه دفع المال عوضا عن الإسقاط فكذلك المدعى عليه إذا كان منكرا فهو لا يمتلك بهذا الصلح شيئا ولكن يلزمه دفع المال عوضا عن الإسقاط كما لو التزمه وقد قال بعض مشايخنا رحمهم الله أن بدل الصلح كالمقر به يكون عوضا عن المدعى عليه ويصير المدعى عليه بالإقدام على الصلح كالمقر به ; لأن القاضي يقول له أي ضرورة ألجأتك إلى الصلح وكان من حقك أن ترفع الأمر إلي لأمنع ظلمه عنك فلما اخترت الصلح صرت كالمقر لما ادعى ولكن هذا إقرار ثبت ضمنا للصلح فإذا بطل الصلح بالاستحقاق يبطل ما كان في ضمنه كالوصية بالمحاباة لما ثبت ضمنا للبيع يبطل ببطلان البيع فلهذا يعود على رأس الدعوى ولما كان هذا الإقرار في ضمن الصلح لا يظهر حكمه في غير عقد الصلح واستحقاق الدعوى بالشفعة حكم وراء ذلك فلا يظهر في حقه كما لو ومنهم من يقول المدعي يستحق المال عوضا في حقه عن المدعي فأما في حق المدعى عليه فإنه قد التمسه ; لأن اليمين حق للمدعي قبله مستحق الهلاك على ما بيناه في الدعوى فيكون بمنزلة القصاص والعفو عن القصاص على مال يأخذه صحيح كان الصلح مع فضولي