( قال رحمه الله : ) وإذا فهو جائز ; لأن المطلوب أعطاه بما عليه كفيلا ، والطالب أجله إلى سنة أخرى ، وكل واحد منهما صحيح عند الانفراد فكذلك إذا جمع بينهما ، ولا يتمكن هنا معنى معاوضة ، والكفالة بالأجل ; لأن الكفالة إنما تصح بقبول الكفيل سواء سأل المطلوب ذلك أو لم يسأل ، والتأجيل يثبت حقا للمطلوب ، فلا تتحقق معنى المعاوضة بينهما ، وكذلك لو كان لرجل على رجل دين إلى سنة فصالحه على أن أعطاه به كفيلا وأخره به إلى سنة أخرى ; لأن إبراء الكفيل الأول يتم بالطالب والتأخير بإيجاب الطالب ذلك للمطلوب ، ولا يتمكن معنى المعاوضة فيه لما كان تمام كل واحد منهما بشخص آخر ، ولو كان به كفيل فأبرأه على أن أعطاه به كفيلا آخر وأخره سنة بعد الأجل الأول كان ذلك باطلا ; لأن المطلوب أسقط حقه في الأجل في نصف المال وشرط على الطالب التأجيل فيما بقي سنة أخرى فهذا مبادلة الأجل بالأجل ، وهو ربا ، وكذلك كل ما يعجل مؤجلا بتأخير شيء آخر معجلا أو مؤجلا فهو فاسد لما فيه من معاوضة الأجل بالأجل . صالحه على أن يعجل له نصف المال على أن يؤخر عنه ما بقي سنة بعد الأجل
ولو كان لم يرجع عليه حتى يحل الأجل ; لأن القبض انتقض في المستحق من الأصل وسقوط الأجل كان في ضمن التعجيل بتسليم المال إليه ، وإذا ثبت في ضمن غيره يبطل ببطلانه فلهذا كان المال عليه بعد الاستحقاق إلى أجل ، وكذلك لو المطلوب قضى الطالب المال قبل حله ، ثم استحق من يده ، أما في الستوق فظاهر ; لأنه يتبين أنه لم يكن موفيا له حقه فيبقى المال عليه إلى أجله ، وفي الزيوف والنبهرجة قد انتقض قبضه بالرد ، وسقوط الأجل كان باعتبار قبضه ، وهو دليل وجد زيوفا أو نبهرجة أو ستوقا رحمه الله : عليهما في أن الرد بعيب الزيافة ينقض القبض من الأصل بمنزلة الاستحقاق حين عاد الأجل ولكنهما [ ص: 36 ] يقولان نحن نسلم هذا إلا أنا نجعل في الصرف والسلم اجتماعهما في مجلس الرد كاجتماعهما في مجلس العقد وذلك لا يتحقق في حكم سقوط الأجل ، وعند رد الزيوف رجوعه بأصل حقه ، وهو ثمن المبيع ، وقد كان أصل حقه مؤجلا فلهذا رجع به بعد حله أيضا ، وكذلك لو أبي حنيفة فالمال عليه إلى أجله ; لأن بهذه الأسباب ينتقض العقد من الأصل ، وكذلك لو باعه به عبدا أو صالحه منه على عبد وقبضه ، ثم استحق أو وجد حرا أو رده بعيب بقضاء قاض فالمال عليه إلى أجله ; لأن الإقالة إن جعلت فسخا عاد المال إلى أجله ، وإن جعلت كعقد مبتدأ فقد شرط التأجيل في البدل فيكون مؤجلا طلب إليه أن يقيله الصلح على ما كان من الأجل فأقاله أو رده بعيب بغير قضاء بمنزلة الإقالة ، وإن لم يسم الأجل فالمال حال ; لأن الإقالة والرد بالعيب بغير قضاء قاض بمنزلة البيع المبتدأ ، فإنه يعتمد التراضي ومطلقه يوجب المال حالا . والرد بالعيب بغير قضاء قاض
فإن قيل : الإقالة فسخ في حقهما وعود الأجل من حقهما قلنا هو فسخ في حقهما فيما هو من أحكام ذلك البيع ، فأما فيما ليس من أحكامه فهو كالبيع المبتدأ والأجل في أصل الدين لم يكن من أحكام هذا البيع بينهما فالإقالة فيه كالبيع المبتدأ ، وقد قررنا هذا المعنى فيما أمليناه من شرح الزيادات .
ولو لم يعد المال على الكفيل إلا أن يكون رد العبد بالعيب بقضاء قاض ; لأن الرد بالقضاء فسخ من الأصل ، ولم يثبت المال على الكفيل ; لأن هذا دين آخر سوى ما كفل به فهذا مثله ، ولو كان بالدين كفيل كان رهنا على حاله بالمال ; لأن البيع قد انفسخ برد العبد ، وإنما يرجع الطالب بالدين الذي كان له عليه ، وقد كان الرهن محبوسا عنده بذلك الدين فيبقى محبوسا على حاله ; لأن الشراء بالدين مثله . كان به رهن ، وهو في يد الطالب حين رد بالعيب