وإذا فإن العبد يباع في الدين إلا أن يفديه الراهن ; لأنه بالحفر تسبب لإتلاف الدابة وهو متعد فيه فيكون كالمباشر في حكم الضمان ولو أتلف العبد دابة بيع في قيمتها إلا أن يفديه المولى ، فإن بيع بألف درهم وأخذها صاحب الدابة رجع الراهن على المرتهن بالدين الذي قضاه ; لأن العبد تلف بفعل كان منه عند المرتهن وهو الحفر فتبين به أن الرد لم يسلم ويجعل هو كالهالك في يد المرتهن فصار هو مستوفيا دينه بالهلاك وقد استوفاه مرة أخرى فعليه رده ( ألا ترى ) أن العبد المغصوب لو فعل مثل هذا في يد الغاصب كان للمغصوب منه أن يرجع عليه بقيمته ويجعل كالهالك قبل الرد رهن الرجل عبدا يساوي ألف درهم بألف درهم فحفر العبد عند المرتهن بئرا في الطريق ثم إن الراهن أدى الدين وأخذ عبده فوقعت في البئر دابة تساوي ألفا
وإن وقعت في البئر دابة أخرى تساوي ألفا فعطبت رجع صاحبها على صاحب الدابة الأولى وأخذ منه نصف ما أخذ ; لأنهما مشتركان في ثمن العبد فإن الجناية على الدائنين تستند إلى سبب واحد وهو الحفر ، وهما من جنس واحد فهو كما لو استهلك الدابتين معا فيكون ثمنه بينهما نصفين فإذا أخذ منه نصف ما أخذ لم يكن لصاحب الدابة الأولى أن يرجع على الراهن بشيء مما قبض من الدين ; لأنه إنما قبض ما كان أعطى المرتهن بطريق أنه استوفى حقه مرتين ، ولم يقبض منه من قيمة العبد شيئا ، وحق صاحب الدابة في مالية العبد لا في مال آخر من ملك مولى العبد فإن بمنزلة العبد إذا حفر بئرا في الطريق ثم استهلك مال إنسان فبيع في قيمته ثم وقع في البئر [ ص: 144 ] إنسان ، وهذا ; لأن نفس الحفر ليس بجناية ، وإنما يصير جناية إذا اتصل الوقوع به والمستحق بجناية على الآدمي نفسه ، فعند الوقوع هو ملك المشتري ، وأصل فعل العبد لم يكن في ملكه فلا تتوجه عليه المطالبة بالدفع بفعل سبق ملكه ، ولا تتوجه المطالبة به على البائع ; لأن فعل العبد موجب سببا في ملكه ، والبيع كان بحق شرعي لا باختياره فلا يضر تعلقه به وهذا بخلاف ما لو كان الواقع دابة أخرى ; لأن المستحق به من العبد كالمستحق بالأول فيمكن جعل الثمن مشتركا بينهما ، وهنا المستحق نفس العبد فلم يكن حق ولي الجناية من جنس حق صاحب الدابة إلا قبض الثمن ، ولما تعذر إثبات حقه في الثمن ، واستحقاق نفس العبد غير ممكن من الوجه الذي قلنا كان دمه هدرا . وقع في البئر حر أو عبد فمات فدمه هدر