وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=5933دفع المسلم إلى النصراني مالا مضاربة بالنصف ، فهو جائز ; لأن المضاربة من المعاملات ،
وأهل الذمة في ذلك كالمسلمين ، إلا أنه مكروه ; لأنه جاهل بشرائع الإسلام فلا نأمن أن يؤكله حراما ، إما لجهله ، أو لقصده ، فإنهم لا يؤدون الأمانة في حق المسلمين .
قال الله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لا تتخذوا بطانة من دونكم لا يألونكم خبالا } أي لا يقصرون في فساد أمر دينكم ; ولأنه يتصرف في الخمر والخنزير ويعمل بالربا ، ولا يتحرز في ذلك ، فيكره للمسلم أن يكتسب الربح بتصرف مثله له ، ولكن مع هذا جازت المضاربة ; لأن الذي من جانب المضارب البيع والشراء ، والنصراني من أهل ذلك ، فإن اتجر في الخمر والخنزير فربح ، جاز على المضاربة في قول
nindex.php?page=showalam&ids=11990أبي حنيفة - رحمه الله - وينبغي للمسلم أن يتصدق بحصته من الربح .
وعندهما ،
nindex.php?page=treesubj&link=5933تصرفه في الخمر والخنزير لا يجوز على المضاربة ، وهو فرع الاختلاف الذي بينا في البيوع ، في المسلم يوكل الذمي بشراء الخمر ، فإن اشترى ميتة فنقد فيها مال المضاربة فهو مخالف ضامن عندهم جميعا ; لأنه اشترى ما لا يمكنه أن يبيعه ، وأن تصرفهم في الميتة لا يكون نافذا ، والمضارب لا يشتري بمال المضاربة مالا يمكنه أن يبيعه ، وإن أربى فاشترى درهمين بدرهم كان البيع فاسدا ; لأنهم يمنعون من المعاملة بالربا لأنفسهم كما يمنع المسلم منه ولكن لا يصير ضامنا لمال المضاربة ، والربح بينهما على الشرط ، لما بينا أن المضارب لا يصير مخالفا بإفساد العقد إذا كان هو يتمكن من بيع ما اشتراه .
والمشتري شراء فاسدا يملك بالقبض ، فينفذ البيع فيه ، ولا بأس بأن
nindex.php?page=treesubj&link=5933يأخذ المسلم مال النصراني مضاربة ، ولا يكره له ذلك ; لأن الذي يلي التصرف في المال هنا المسلم ، وهو
[ ص: 61 ] يتحرز من العقود الفاسدة في تصرفه في مال غيره ، كما يتحرز عنه في تصرفه في مال نفسه ، فإن اشترى به خمرا أو خنزيرا أو ميتة ، ونقد المال فهو مخالف ضامن ; لأنه اشترى بمال المضاربة ما لا يمكنه أن يبيعه ، فيكون مخالفا كما لو كان رب المال مسلما ، فإن ربح في ذلك ، رد الربح على من أخذه منه ، وإن كان يعرفه ; لأنه أخذه منه بسبب فاسد ، فيستحق رده عليه ، وإن كان لا يعرفه تصدق به ; لأنه حصل له بكسب خبيث ، ولا يعطي رب المال النصراني منه شيئا ; لأن تصرفه ما وقع له حين اشترى ما لا يمكنه بيعه ، وصار به مخالفا
وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=5933دَفَعَ الْمُسْلِمُ إلَى النَّصْرَانِيِّ مَالًا مُضَارَبَةً بِالنِّصْفِ ، فَهُوَ جَائِزٌ ; لِأَنَّ الْمُضَارَبَةَ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ ،
وَأَهْلُ الذِّمَّةِ فِي ذَلِكَ كَالْمُسْلِمِينَ ، إلَّا أَنَّهُ مَكْرُوهٌ ; لِأَنَّهُ جَاهِلٌ بِشَرَائِعِ الْإِسْلَامِ فَلَا نَأْمَنُ أَنْ يُؤَكِّلَهُ حَرَامًا ، إمَّا لِجَهْلِهِ ، أَوْ لِقَصْدِهِ ، فَإِنَّهُمْ لَا يُؤَدُّونَ الْأَمَانَةَ فِي حَقِّ الْمُسْلِمِينَ .
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=118لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا } أَيْ لَا يُقَصِّرُونَ فِي فَسَادِ أَمْرِ دِينِكُمْ ; وَلِأَنَّهُ يَتَصَرَّفُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ وَيَعْمَلُ بِالرِّبَا ، وَلَا يَتَحَرَّزُ فِي ذَلِكَ ، فَيُكْرَهُ لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَكْتَسِبَ الرِّبْحَ بِتَصَرُّفٍ مِثْلِهِ لَهُ ، وَلَكِنْ مَعَ هَذَا جَازَتْ الْمُضَارَبَةُ ; لِأَنَّ الَّذِي مِنْ جَانِبِ الْمُضَارِبِ الْبَيْعَ وَالشِّرَاءَ ، وَالنَّصْرَانِيُّ مِنْ أَهْلِ ذَلِكَ ، فَإِنْ اتَّجَرَ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ فَرَبِحَ ، جَازَ عَلَى الْمُضَارَبَةِ فِي قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=11990أَبِي حَنِيفَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - وَيَنْبَغِي لِلْمُسْلِمِ أَنْ يَتَصَدَّقَ بِحِصَّتِهِ مِنْ الرِّبْحِ .
وَعِنْدَهُمَا ،
nindex.php?page=treesubj&link=5933تَصَرُّفُهُ فِي الْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمُضَارَبَةِ ، وَهُوَ فَرْعُ الِاخْتِلَافِ الَّذِي بَيَّنَّا فِي الْبُيُوعِ ، فِي الْمُسْلِمِ يُوَكِّلُ الذِّمِّيَّ بِشِرَاءِ الْخَمْرِ ، فَإِنْ اشْتَرَى مَيْتَةً فَنَقَدَ فِيهَا مَالَ الْمُضَارَبَةِ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ عِنْدَهُمْ جَمِيعًا ; لِأَنَّهُ اشْتَرَى مَا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ ، وَأَنَّ تَصَرُّفَهُمْ فِي الْمَيْتَةِ لَا يَكُونُ نَافِذًا ، وَالْمُضَارِبُ لَا يَشْتَرِي بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ مَالًا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ ، وَإِنْ أَرْبَى فَاشْتَرَى دِرْهَمَيْنِ بِدِرْهَمٍ كَانَ الْبَيْعُ فَاسِدًا ; لِأَنَّهُمْ يُمْنَعُونَ مِنْ الْمُعَامَلَةِ بِالرِّبَا لِأَنْفُسِهِمْ كَمَا يُمْنَعُ الْمُسْلِمُ مِنْهُ وَلَكِنْ لَا يَصِيرُ ضَامِنًا لِمَالِ الْمُضَارَبَةِ ، وَالرِّبْحُ بَيْنَهُمَا عَلَى الشَّرْطِ ، لِمَا بَيَّنَّا أَنَّ الْمُضَارِبَ لَا يَصِيرُ مُخَالِفًا بِإِفْسَادِ الْعَقْدِ إذَا كَانَ هُوَ يَتَمَكَّنُ مِنْ بَيْعِ مَا اشْتَرَاهُ .
وَالْمُشْتَرِي شِرَاءً فَاسِدًا يَمْلِكُ بِالْقَبْضِ ، فَيَنْفُذُ الْبَيْعُ فِيهِ ، وَلَا بَأْسَ بِأَنْ
nindex.php?page=treesubj&link=5933يَأْخُذَ الْمُسْلِمُ مَالَ النَّصْرَانِيِّ مُضَارَبَةً ، وَلَا يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الَّذِي يَلِي التَّصَرُّفَ فِي الْمَالِ هُنَا الْمُسْلِمُ ، وَهُوَ
[ ص: 61 ] يَتَحَرَّزُ مِنْ الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِ غَيْرِهِ ، كَمَا يَتَحَرَّزُ عَنْهُ فِي تَصَرُّفِهِ فِي مَالِ نَفْسِهِ ، فَإِنْ اشْتَرَى بِهِ خَمْرًا أَوْ خِنْزِيرًا أَوْ مَيْتَةً ، وَنَقَدَ الْمَالَ فَهُوَ مُخَالِفٌ ضَامِنٌ ; لِأَنَّهُ اشْتَرَى بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ مَا لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَبِيعَهُ ، فَيَكُونُ مُخَالِفًا كَمَا لَوْ كَانَ رَبُّ الْمَالِ مُسْلِمًا ، فَإِنْ رَبِحَ فِي ذَلِكَ ، رَدَّ الرِّبْحَ عَلَى مَنْ أَخَذَهُ مِنْهُ ، وَإِنْ كَانَ يَعْرِفُهُ ; لِأَنَّهُ أَخَذَهُ مِنْهُ بِسَبَبٍ فَاسِدٍ ، فَيَسْتَحِقُّ رَدَّهُ عَلَيْهِ ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرِفُهُ تَصَدَّقَ بِهِ ; لِأَنَّهُ حَصَلَ لَهُ بِكَسْبٍ خَبِيثٍ ، وَلَا يُعْطِي رَبُّ الْمَالِ النَّصْرَانِيَّ مِنْهُ شَيْئًا ; لِأَنَّ تَصَرُّفَهُ مَا وَقَعَ لَهُ حِينَ اشْتَرَى مَا لَا يُمْكِنُهُ بَيْعُهُ ، وَصَارَ بِهِ مُخَالِفًا