وقال أبو يوسف فهو مصدق في حال الوضيعة ; لأنه ليس مسلطا على التصرف فيما في يده من مال اليتيم ، وهو [ ص: 187 ] بمقابلته ينكر وجوب الضمان عليه ، فالقول قوله في ذلك ، ولا يصدق في حال الربح حتى يشهد قبل العمل أنه يعمل به مضاربة ; لأن الربح نماء المال فيكون مملوكا لليتيم بملك المال ، والوصي يدعي استحقاق بعض الربح لنفسه ، والقول قول الأمين في براءته عن الضمان لا في استحقاق الأمانة لنفسه ، إلا أن يشهد قبل العمل فحينئذ يكون هذا إقرارا بما منه يملك استئنافه على ما بينا : أن : إذا عمل الوصي بمال اليتيم فوضع أو ربح ، فقال عملت به مضاربة للوصي أن يأخذ مال اليتيم مضاربة فيعمل به . ولو قال استقرضته
لم يصدق وإن كان فيه ربح حتى يشهد قبل العمل ; لأن ما حصل من الربح مستحق لليتيم بملكه أصل المال في الظاهر ، فالوصي يدعي استحقاق ذلك لنفسه فلا يقبل قوله في ذلك ، وإن أشهد قبل العمل فقد علمنا أنه في التصرف عامل لنفسه ، ضامن لمال الصبي ; لأنه ليس له أن يستقرض مال اليتيم لنفسه ، ولكن الفاسد من القرض معتبر بالصحيح ، فيكون الربح الحاصل بعمل له ، وإن كانت فيه وضيعة فهو ضامن لها وإن لم يشهد قبل العمل ; لأنه في قوله استقرضه أقر لليتيم على نفسه بالضمان وفي مقدار الوضيعة وإقراره على نفسه حجة .
وكذلك لو فهو يقر له باستحقاق الربح ، وإقراره في مال اليتيم ليس بحجة ، وإن قال : مضاربة لليتيم ، أو بضاعة له وصدقه الرجل وفيه وضيعة فلا ضمان عليهما ; لأن في تصادقهما انتفاء الضمان عن العامل ، لا إثبات الاستحقاق له في شيء من مال اليتيم وللوصي هذه الولاية فإنه يودع مال اليتيم ويبضعه ، وإن كان فيه ربح فهو لليتيم كله ، إلا أن يشهد على ما صنع من ذلك قبل أن يعمل به ; لأن الصبي صار مستحقا لجميع الربح بملكه أصل المال ، فإقرار الوصي بجزء منه للعامل يكون إقرارا في مال اليتيم لغيره ، وذلك غير مقبول عن الوصي ، وكل هذا يسعه فيما بينه وبين الذي يعمل على ما قال : إن كان صادقا ; لأن الله تعالى مطلع على ضميرهما ، عالم بما كان منهما ، إلا أن القاضي لا يقبل قوله إلا ببينة ; لأن القاضي مأمور باتباع الظاهر ، وأصله في الوصي إذا عرف وجوب الدين على الميت فإنه يسعه فيما بينه وبين ربه أن يقضي دينه من التركة ، ولكن إن علم به القاضي ضمنه إذا لم يكن لصاحب الدين بينة على حقه فهذا قياسه ، والله أعلم بالصواب . دفعه إلى رجل فعمل به ثم قال : دفعته قرضا ليعمل به ، وصدقه ذلك الرجل