ولو فما زرع منها حنطة بينهما نصفان ، وما زرع منها شعيرا فلرب الأرض ثلثه ، وما زرع منها سمسما فلرب الأرض منه ثلثاه ، وللعامل ثلثه ، فهذا فاسد كله ; لأنه نص على التبعيض هنا ، وذلك البعض مجهول في الحال ، وكذلك عند إلقاء البذر في الأرض ; لأنه إذا زرع بعضها حنطة فلا يعلم ماذا يزرع في ناحية أخرى منها فكان العقد فاسدا ; لهذا ، وعند فساد العقد الخارج كله لصاحب البذر ، وقد بينا حكم المزارعة الفاسدة ، وهذا بخلاف الأول ، فإن هناك حرف " من " صلة ، فله أن يزرع الكل شعيرا إن شاء ، وحنطة إن شاء ، وهنا نص على التبعيض ، فليس له أن يزرعها كلها أحد الأصناف ، وكذلك لو دفع إليه أرضا مزارعة على أن يزرعها ببذره وبقره وعمله على أن يزرع بعضها حنطة ، وبعضها شعيرا ، وبعضها سمسما فالعقد فاسد ، وهذه المسألة هي التي استشهد بها الطاعن قال قال خذها على أن ما زرعت منها حنطة فالخارج بيننا نصفان ، وما زرعت منها شعيرا فلي ثلثه ولك ثلثاه [ ص: 43 ] وما زرعت منها سمسما فلي ثلثاه ، ولك ثلثه ، علي القمي - رحمه الله - : وجدت في بعض النسخ العتيقة في هذه المسألة زيادة أنه قال : على أن يزرع كل ذلك فيها ، فعلى هذا لا حاجة إلى الفرق بينه ، وتبين من هذه الزيادة أن مراده من حرف " من " التبعيض ، فهو وما لو نص على التبعيض سواء ، وأما على ما ذكره في ظاهر الرواية فوجه الفرق بين هذا ، وبين ما سبق أن الجهالة هنا تتمكن في سلب العقد ; لأن الجهالة في البذر ، فلا بد من بيان جنس البذر في عقد المزارعة ، وكذلك الأجر لا يصير معلوما إلا ببيان جنس البذر ، فكانت الجهالة متمكنة في صلب العقد ، فيفسد به العقد ، فأما في مسألة الكراب والثنيان فالجهالة لم تتمكن في صلب العقد ، فالعقد بينهما صحيح بدون ذلك ; فلهذا لم تكن الجهالة المتمكنة بذكر حرف التبعيض مفسدة للعقد هناك يوضح الفرق أن الكراب والثنيان كل ذلك يسبق إلقاء البذر في الأرض ، وانعقاد الشركة عند إلقاء البذر وعند ذلك البعض الذي ثني ، والبعض الذي كرب معلوم ، فيجوز العقد ، وأما هنا عند إلقاء أحد الأصناف من البذر في ناحية من الأرض ، العقد في الناحية الأخرى مجهول في حق جنس البذر وجنس البدل ; فلهذا فسد العقد بهذا الشرط ، ولو ، فهذا جائز ; لأنه خيره بين المزارعة والإعارة ، فاشتراط الخارج كله للعامل يكون إعارة للأرض منه ، وذلك صحيح واشتراط المناصفة بينهما في الخارج من الحنطة يكون مزارعة صحيحة ، ولا يتولد من ضم أحدهما إلى الآخر سبب مفسد ، وإن سمى الخارج من الشعير لنفسه جاز في الحنطة ، ولم يجز في الشعير ، وهي مطعونة دفع الأرض إليه ليزرعها ببذره على أنه إن زرعها حنطة فالخارج بينهما نصفان ، وإن زرعها شعيرا فالخارج للعامل - رحمه الله - على ما بينا ، وإذا عيسى ، ففساد أحدهما لا يمنع صحة الآخر ، فإن زرعها حنطة فالخارج بينهما نصفان ، وإن زرعها شعيرا فالخارج لصاحب البذر ، كما هو الحكم في المزارعة الفاسدة دفع الأرض إلى صاحب البذر على أن الخارج كله لصاحب الأرض إلا أنه ما جعل أحد العقدين مشروطا في الآخر ، ولكنه عطف أحدهما على الآخر