ولو دخل مسلمان دار الحرب بأمان فاشترى أحدهما أرضا فدفعها إلى صاحبه مزارعة بالنصف ، فاستحصد الزرع ولم يحصد حتى ظهر المسلمون على الدار -  فالأرض والزرع فيء لما قلنا . وإن ظهروا علينا بعد ما حصد الزرع فالأرض فيء والزرع بينهما على ما اشترطا ; لأنه منقول مشترك بين المسلمين في دار الحرب ، فلا يصير غنيمة بالظهور على الدار . وإن دفعها المسلم إلى حربي مزارعة بالنصف والبذر من أحدهما بعينه ، والعمل عليهما جميعا ، فأخرجت الأرض الزرع ، ثم أسلم أهل وقد استحصد الزرع ، أو لم يستحصد -  جاز في قول  أبي حنيفة   ومحمد    - رحمهما الله - والخارج بينهما على الشرط . وفي قول  أبي يوسف    - رحمه الله - الخراج لصاحب البذر ، وللآخر الأجر ، وهذا لأن اشتراط عمل صاحب الأرض مع المزارع في المزارعة إنما يفسد العقد في دار الإسلام ، فأما في دار الحرب بين المسلم والحربي فهو على الخلاف الذي بينا . ولو لم يسلم أهل الدار . ولكن ظهر المسلمون على الدار - كانت الأرض وما فيها فيئا ولا شيء لأحدهما على صاحبه من أجر ولا غيره ; لأن هذه المعاملة كانت في دار الحرب فلا يطالب أحدهما صاحبه بشيء منه بعد ما ظهر المسلمون على الدار ; لأن الأرض إن كانت للحربي فقد صارت غنيمة ، وكذلك إن كانت للمسلم فلا يكون له أن يطالب صاحبه بأجرها ، ونفس الحربي تبدلت بالرق فلا تتوجه له المطالبة بالأجر على المسلم ، ولا للمسلم عليه وإن تركهم الإمام في أرضهم كما ترك  عمر    - رضي الله عنه - أهل السواد  [ ص: 123 ] فهذا بمنزلة إسلامهم عليها ; لأنه يقرر ملكهم في أراضيهم وحريتهم في رقابهم بالمن كما يتقرر ذلك بالإسلام لو أسلموا . والمعاملة كالمزارعة في جميع ما ذكرنا . 
				
						
						
