، وعن عروة عن النبي صلى الله عليه وسلم { فهي له وليس لعرق ظالم حق أحيا أرضا ميتة } ، وفيه دليل على أن الموات من الأراضي يملك بالإحياء . قال : من
وأصح ما قيل في حد الموات أن يقف الرجل في طرف العمران فينادي بأعلى صوته فإلى أي موضع ينتهي صوته ، يكون من فناء العمران ; لأن سكان ذلك الموضع يحتاجون إلى ذلك [ ص: 167 ] لرعي المواشي ، وما أشبه ذلك ، وما وراء ذلك من الموات ثم عند رحمه الله إنما يملكها بالإحياء بعد إذن الإمام ، وعند أبي حنيفة أبي يوسف رحمهما الله لا حاجة فيه إلى إذن الإمام ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أذن في ذلك ، وملكها ممن أحياها أو ; لأنه لا حق لأحد فيها فكل من سبقت يده إليها ، وتم إحرازه لها فهو أحق بها كمن أخذ صيدا ، أو حطبا أو حشيشا أو وجد معدنا ، أو ركازا في موضع لا حق لأحد فيه ومحمد استدل بقوله عليه الصلاة والسلام { وأبو حنيفة } ، وهذا وإن كان عاما فمن أصله : أن العام المتفق على قبوله يترجح على الخاص . : ليس للمرء إلا ما طابت به نفس إمامه
وقال صلى الله عليه وسلم { } فما كان مضافا إلى الله تعالى والرسول صلى الله عليه وسلم فالتدبير فيه إلى الإمام فلا يستبد أحد به بغير إذن الإمام كخمس الغنيمة فرسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أشار إلى أن هذه الأراضي كانت في يد المشركين ثم صارت في يد المسلمين بإيجاف الخيل فكان ذلك لهم من الله تعالى ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وما كان بهذه الصفة لم يختص أحد بشيء منه دون إذن الإمام كالغنائم . إلا أن عادي الأرض هي لله ، ورسوله ثم هي لكم من بعد
وقوله : صلى الله عليه وسلم { } لبيان السبب ، وبه نقول إن سبب الملك بعد إذن الإمام هو الإحياء ، ولكن إذن الإمام شرط ، وليس في هذا اللفظ ما ينفي هذا الشرط بل في قوله عليه الصلاة والسلام { من أحيا أرضا ميتة } إشارة إلى هذا الشرط فالإنسان على رأي الإمام ، والأخذ بطريق التغالب في معنى عرق ظالم ، وقيل معنى قوله : عليه الصلاة والسلام { : وليس لعرق ظالم حق } أن وليس لعرق ظالم حق فإنه لا يستحق ذلك الموضع من أرض جاره بتلك الأغصان والعروق الظالمة فالظلم عبارة عن تحصيل الشيء في غير موضعه قيل : المراد بعرق ظالم أن يتعدى في الإحياء ما وراء أحد الموات فيدخل في حق الغير ، ولا يستحق بذلك شيئا من حق الغير ، وعن الرجل إذا غرس أشجارا في ملكه فخرجت عروقها إلى أرض جاره ، أو خرجت أغصانها إلى أرض جاره رضي الله عنه قال : من أحيا أرضا ميتة فهي له ، وليس بعد ثلاث سنين حق والمراد بالمحجر المعلم بعلامة في موضع ، واشتقاق الكلمة من الحجر ، وهو المنع فإن من أعلم في موضع من الموات علامة فكأنه منع الغير من إحياء ذلك الموضع فسمي فعله تحجيرا . عمر
وبيان ذلك أن فهذا تحجير ، ولا يكون إحياء إنما الإحياء أن يجعلها صالحة للزراعة بأن [ ص: 168 ] كربها أو ضرب عليها المسناة أو شق لها نهرا ثم بعد التحجير له من المدة ثلاث سنين كما أشار إليه الرجل إذا مر بموضع من الموات فقصد إحياء ذلك الموضع ، فوضع حول ذلك الموضع أحجارا أو حصد ما فيها من الحشيش ، والشوك ، وجعلها حول ذلك فمنع الداخل من الدخول فيها رضي الله عنه ; لأنه يحتاج إلى أن يرجع إلى وطنه ، ويهيئ أسبابه ثم يرجع إلى ذلك الموضع فيحييه فيجعل له من المدة للرجوع إلى وطنه سنة ، وإصلاح أموره في وطنه سنة ، والرجوع إلى ذلك الموضع سنة فإلى ثلاث سنين لا ينبغي أن يشتغل بإحياء ذلك الموضع غيره ، ولكن ينتظره ليرجع ، وبعد مضي هذه المدة الظاهر أنه قد بدا له ، وأنه لا يريد الرجوع إليها فيجوز لغيره إحياؤها هذا من طريق الديانة فأما في الحكم إذا عمر فهي له ; لأن بالتحجير لم تصر مملوكة للأول فسبب الملك هو الإحياء دون التحجير ، وعن أحياها إنسان بإذن الإمام قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { طاوس } ، والمراد الموات من الأراضي سماه عاديا على معنى أنها ما خربت على عهد عاد ، وفي العادات الظاهرة ما يوصف بطول مضي الزمان عليه ينسب إلى عاد فمعناه ما تقدم خرابه مما يعلم أنه لا حق لأحد فيه ، وعن : إن عادي الأرض لله ، ورسوله فمن أحيا أرضا ميتة فهي له أبي معسر عن أشياخه رفعوه إلى النبي صلى الله عليه وسلم { أنه قضى في السراج من ماء المطر إذا بلغ الماء الكعبين أن لا يحبسه إلا على جاره } قال أبو معسر السراج : السواقي ، وهي الجداول التي عند سفح الجبل يجتمع ماء السيل فيها ثم ينحدر منها إلى الوادي ، وقد بينا أن مراده من هذا اللفظ العبارة عن كثرة الماء .