وعن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم { سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل } قيل : معناه من تطوق في أرض الغير فالموضع الذي يضع عليه القدم بمنزلة شبر من الأرض ، وقيل معناه من نقص من المسناة في جانب أرضه بأن حول ذلك إلى أرض جاره فذلك قدر شبر من الأرض أخذه أو كان أرضه بجنب الطريق فجعل المسناة على الطريق لتتسع به أرضه فهو في معنى شبر من الأرض أخذه بغير حق ، وهو معنى الحديث الذي روي : لعن الله من غير منار الطريق . يعني العلامة بين الأرضين . : من أخذ شبرا من أرض بغير حق طوقه الله من سبع أرضين
وقيل : إنما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الشبر على طريق التمثيل للمبالغة في المنع من ، وليس المراد به التحقيق ثم في الحديث بيان عظم الماء ثم في غصب الأراضي ، وهو دليل غصب الأراضي رحمه الله في أنه أبي حنيفة ; لأن النبي عليه الصلاة والسلام بين جزاء الآخذ بالوعيد الذي ذكره في القيامة ، ولو كان حكم الضمان ثابتا لكان الأولى أن يبينه ; لأن الحاجة إلى معرفته أمس ثم جعل المذكور من الوعيد جميع جزائه فلو أوجبنا الضمان مع ذلك لم يكن الوعد جميع جزائه [ ص: 169 ] وللفقهاء في معنى مثل هذه الألفاظ طريقين أحدهما الحمل على حقيقته أنه يطوق ذلك الموضع في القيامة ليعرف به ما فعله ، ويكون ذلك عقوبة له كما قال عليه الصلاة والسلام { لا ضمان على غاصب الأراضي في الدنيا : لكل غادر لواء يوم القيامة يركز عند باب استه تعرف به غدرته } .
والمراد به بيان شدة العقوبة لا حقيقة ما ذكر من أنه يطوق ذلك الموضع من الأرض يوم القيامة ، فقد قال الله تعالى { يوم تبدل الأرض غير الأرض } ، وعن رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم { أبي هريرة } يريد به أن صاحب البئر إذا كان له مرعى حول بئره فلا ينبغي له أن يمنع من يستقي الماء من بئره لنفسه أو لظهوره مخافة أن يصيب ظهره من ذلك الكلإ ; لأن له في حق الشقة في ماء البئر فلا يمنعه حقه ، ولكن يحفظ جانب أرضه ، وما فيه من الكلإ حتى لا يدخل دابة المستقي في ذلك الموضع ، وإن شق عليه ذلك أخرج إليه من الماء مقدار حاجته ، وحاجة ظهره ، وعن قال : لا تمنعوا الماء مخافة الكلإ رفع حديثه إلى النبي صلى الله عليه وسلم { نافع قال : لا تمنعوا أحدا ماء ولا كلأ ولا نارا فإنه متاع للمقوين وقوة للمستعينين } ، والمقوي هو الذي فني زاده ، والمستعين هو المضطر المحتاج .
وقد بينا أن صاحب الشرع عليه الصلاة والسلام أثبت بين الناس في هذه الأشياء الثلاثة شركة عامة بطريق الإباحة فلا ينبغي لأحد أن يمنع أحدا مما جعله الشرع حقا له .