ولو جاز البيع في القياس ; لأن الدراهم ، والدنانير جنسان حقيقة ، وهو في الاستحسان باطل ; لأنهما في المعنى ، والمقصود جنس واحد ، وقد بينا فيما تقدم أن في الإنشاءات جعلا كجنس واحد كما في شراء ما باع بأقل مما باع ، وفي شراء المضارب بأحد النقدين ، ورأس المال من النقد الآخر ، وفي الإخبارات هما جنسان مختلفان ، وبهذا يتضح الفرق بين هذا ، وبين الإقرار الذي سبق فالإقرار إخبار ، والدراهم ، والدنانير في ذلك جنسان مختلفان ، وهنا إنما أكره على إنشاء البيع ، والدراهم ، والدنانير في ذلك جنس واحد ، فكان البيع باطلا ، ولو أكرهوه على أن يبيع جاريته من فلان بألف درهم ، فباعها منه بقيمة ألف درهم دنانير جاز البيع بكل حال ; لأن البيع يختلف باختلاف العرض ، وهو آت بعقد آخر سوى [ ص: 62 ] ما أكره عليه حقيقة ، وحكما . أكرهوه على أن يبيعها بألف درهم ، فباعها بعرض ، أو حنطة ، أو شعير
، وقد يمتنع الإنسان من البيع بالنقد ، ولا يمتنع من البيع بالعرض لما له من الغرض في ذلك العرض ، وقد يمتنع من البيع بالعرض ، ولا يمتنع من البيع بالنقد ، فالمكره على أحد النوعين يكون طائعا في العقد الآخر إذا باشره ، والله أعلم بالصواب .