( قال رحمه الله ) ولو أن ، فهو إن شاء الله [ ص: 67 ] في سعة من ذلك ; لأنه ابتلي ببليتين ، فله أن يختار أهونهما عليه لحديث رجلا أكرهه لص بالقتل على قطع يد نفسه رضي الله عنها قالت { عائشة : ما خير رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا اختار أيسرهما } ، ثم حرمة الطرف تابعة لحرمة النفس ، والتابع لا يعارض الأصل ، ولكن يترجح جانب الأصل ، ففي إقدامه على قطع اليد مراعاة حرمة نفسه ، وفي امتناعه من ذلك تعريض النفس ، وتلف النفس يوجب تلف الأطراف لا محالة ، ولا شك أن إتلاف البعض لإبقاء الكل يكون ، أولى من إتلاف الكل .
( ألا ترى ) أن من ، وقعت في يده أكلة يباح له أن يقطع يده ليدفع به الهلاك عن نفسه ، وقد ، فعله رضي الله عنه ، فهذا المكره في معنى ذلك من وجه ; لأنه يدفع الهلاك عن نفسه بقطع طرفه إلا أنه قيده بالمشيئة هنا ; لأن هذا ليس في معنى الأكلة من كل وجه ، وحرمة الطرف كحرمة النفس من وجه ، فلهذا تحرز عن الإثبات في الجواب ، وقال إن شاء الله في سعة من ذلك ، فإن قطع يد نفسه ، ثم خاصم المكره فيه قضى القاضي له على المكره بالقود ; لأن القطع صار منسوبا إلى المكره لما تحقق الإكراه على ما بينه في مسألة المكره على القتل ، فكأن المكره باشر قطع يده ، وهذا ظاهر على قول عروة بن الزبير أبي حنيفة رحمهما الله ، وإنما الإشكال على قول ومحمد رحمه الله ، فإنه لا يوجب القود على المكره ، فقيل في هذا الفصل لا قود عليه عند أبي يوسف أيضا ، ولكن يلزمه أرش اليد في ماله ، وقيل هنا يجب القود عنده ; لأنه إنما يجعل المكره آلة في قتل الغير لكونه آثما لا يحل له الإقدام على القتل ، وهنا يحل للمكره الإقدام على قطع يده ، فكان هو آلة بمنزلة المكره على إتلاف المال ، فيجب القود على المكره . . أبي يوسف