فإن ، فالبيع جائز باعتبار الظاهر ، فإنه شاهد لمن يدعي جوازه إلا أن يقيم الآخر البينة على ما كانا قالا في السر من ذلك فحينئذ الثابت بالبينة كالثابت بالمعاينة ، وما كان منهما في العلانية من إبطال كل هزل تحقيق لما كانا تواضعا عليه في السر لا إبطال له ، فلهذا كان البيع بينهما باطلا وإن كانا كان البائع ، والمشتري قالا في السر نريد أن نظهر بيعا هزلا ، وباطلا [ ص: 128 ] ونظهر أنه غير هزل ، ولا باطل ، ونظهر مع ذلك أنا إن كنا جعلنا في السر هزلا ، فقد أبطلنا ذلك ، وجعلناه جدا جائزا ، وأشهدا على أنفسهما بذلك ، ثم قالا علانية : قد أبطلنا كل هزل في هذا البيع ، ونحن نجعله بيعا صحيحا فتبايعا على هذا ، وادعى أحدهما جواز البيع بينهما ، فالبيع باطل إذا قامت البينة على ما كانا قالا في السر لما بينا أن هذا الإبطال تحقيق منهما للمضي على تلك المواضعة ، فلا يتغير به الحكم إلا أن يقول أحدهما بمحضر من صاحبه ، وهو يسمع : إنا كنا قلنا في السر أنا نتبايع بيعا هزلا ، وقلنا في السر أيضا أنا نظهر في العلانية أنا قد أبطلنا كل قول قلناه في السر من هذا ، وأنا قد أبطلنا جميع ما قلنا في السر من هذا ، وأنا بعنا بيعا صحيحا ، فإذا قالا هذا ، أو قال أحدهما والآخر يسمع ، فالبيع جائز لا يقدر أحدهما على أن يبطله ; لأنهما وضعا جميع ما كانا قالا في السر ، ثم أبطلا جميع ذلك ، وهذا النوع من الإبطال ليس يمضي على موافقة ما تواضعا عليه بل هو إبطال لذلك ، وتلك المواضعة ما كانت لازمة فتبطل بإبطالهما ، فأما إذا ، وضعا إبطال ما قالا في البيع خاصة ، وأبطلا ذلك ، فهذا مضي منهما على موافقة ما تواضعا عليه ، وذلك مبطل للبيع لا مصحح له ، والله أعلم . قالا في العلانية : إنا قلنا في السر نريد أن نتبايع في العلانية بيعا باطلا هزلا ، وقد أبطلنا ذلك فقال صاحبه : صدقت ، ثم تبايعا