[ ص: 151 ] قال رحمه الله ) وإذا
nindex.php?page=treesubj&link=24889_26395أكره الرجل بوعيد تلف على أكل الميتة ، أو لحم الخنزير ، أو شرب الخمر ، فلم يفعل حتى قتل ، وهو يعلم أن ذلك يسعه كان آثما ; لأن حالة الضرورة مستثناة من التحريم ، والميتة ، والخمر في هذه الحالة كالطعام ، والشراب في غير حالة الضرورة ، ولا يسعه أن يمتنع من ذلك حتى يتلف .
( ألا ترى ) أن الذي يخاف الهلاك من الجوع ، والعطش
nindex.php?page=treesubj&link=24889_26395إذا وجد ميتة ، أو لحم خنزير أو دما ، فلم يأكل ، ولم يشرب حتى مات ، وهو يعلم أن ذلك يسعه كان آثما ، وقد بينا هذا فيما سبق في الماء الذي خالطه الخمر ، والتحرز عن قول من خالفنا في شرب الخمر عند العطش ، وفائدة : وذكره عن
nindex.php?page=showalam&ids=17073مسروق رحمه الله قال : من اضطر إلى ميتة ، أو لحم خنزير ، أو دم ، فلم يأكل ، ولم يشرب ، فمات دخل النار ، وهذا دليلنا على قول
nindex.php?page=showalam&ids=14954أبي يوسف ، وفيه دليل أنه لا بأس بإطلاق القول بدخول الدار لمن يرتكب ما لا يحل له ، وإن كان المذهب أنه في مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه ، وإن شاء عفا عنه حتى اشتغل بعضهم بالتأويل بهذا اللفظ قالوا : مراده الدخول الذي هو تحلة القسم قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71، وإن منكم إلا واردها } أي داخلها ، وهو المذهب عند أهل السنة ، والجماعة ولكن هذا بعيد ; لأن مراده بيان الجزاء على ارتكاب ما لا يحل ، ولكن لا يظن أحد بمثله أنه يقصد بهذا اللفظ نفي المشيئة ، وقطع القول بالعذاب ، فإن كان لا يعلم أن ذلك يسعه رجوت أن لا يكون آثما ; لأنه قصد به التحرز عن ارتكاب الحرام في زعمه .
وهذا ; لأن انكشاف الحرمة عند تحقق الضرورة دليله خفي ، فيعذر فيه بالجهل كما أن عدم وصول الخطاب إليه قبل أن يشتهر يجعل عذرا له في ترك ما ثبت بخطاب الشرع يعني الصلاة في حق من أسلم في دار الحرب ، ولم يعلم بوجوبها عليه ، ثم ذكر في فصل الإكراه على الكفر أنه إذا امتنع من ذلك حتى قتل لم يكن آثما ، وقد بينا أنه مأجور فيه كما جاء في الأثر أن المجبر في نفسه في ظل العرش يوم القيامة إن أبى الكفر حتى قتل ، وحديث
خبيب رضي الله عنه فيه معروف ، وأشار إلى الأصل الذي بينا أن إجراء كلمة الشرك في هذه الحالة رخصة له ، والامتناع هو العزيمة فإن ترخص بالرخصة وسعه ، وإن تمسك بالعزيمة كان أفضل له ; لأن في تمسكه بالعزيمة إعزاز الدين ، وغيظ المشركين فيكون أفضل ، وعلى هذا إذا
nindex.php?page=treesubj&link=24889قيل له : لئن صليت لأقتلنك فخاف ذهاب الوقت ، فقام ، وصلى ، وهو يعلم أنه يسعه تركه فلما صلى قتل لم يكن آثما في ذلك ; لأنه تمسك بالعزيمة أيضا ، وكذلك صوم رمضان لو
nindex.php?page=treesubj&link=24889قيل له : وهو مقيم لئن لم تفطر [ ص: 152 ] لنقتلنك ، فأبى أن يفطر حتى قتل ، وهو يعلم أن ذلك يسعه كان مأجورا ; لأنه متمسك بالعزيمة ، وفيما ، فعله إظهار الصلابة في الدين ، وإن أفطر وسعه ذلك ; لأن الفطر رخصة له عند الضرورة إلا أن يكون مريضا يخاف على نفسه إن لم يأكل ، ولم يشرب حتى مات ، وهو يعلم أن ذلك يسعه فحينئذ يكون آثما .
وكذلك لو
nindex.php?page=treesubj&link=24889كان مسافرا ، فصام في شهر رمضان ، فقيل له لنقتلنك ، أو لتفطرن ، فأبى أن يفطر حتى قتل كان آثما ; لأن الله تعالى أباح له الفطر في هذين الوجهين معتدا بقوله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184، فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر } ، فعند خوف الهلاك شهر رمضان في حقهما أيامه كلياليه ، وكأيام شعبان في حق غيرهما ، فيكون في الامتناع حتى يموت بمنزلة المضطر في فصل الميتة بخلاف الصحيح المقيم ، فالأمر بالصوم في حقه عزيمة قال الله تعالى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185، فمن شهد منكم الشهر فليصمه } ، والفطر عند الضرورة رخصة ، فإن ترخص بالرخصة ، فهو في سعة من ذلك ، وإن تمسك بالعزيمة ، فهو أفضل له ، وهذا كله بناء على مذهبنا أنه يصير مفطرا بالتناول مكرها وعند
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي رحمه الله لا يصير مفطرا ، وقد بينا هذا في الصوم ، فإن الخاطئ ، والمكره عنده في الحكم سواء وقال : المكره مسلوب الفعل .
( ألا ترى ) أن الإتلاف الحاصل بفعله يصير منسوبا إلى المكره ، ولكنا نقول المكره إنما يجعل آلة للمكره فيما يصلح أن يكون آلة له ، وهو في الجناية على صوم نفسه لا يصلح أن يكون آلة للغير ، فيقتصر حكم فعله في حق الإفطار عليه .
( ألا ترى ) أن المكره لو كان صائما لم يصر مفطرا بهذا ، فلو جعلنا الفعل عدما في حكم المكره في حق الصوم رجع إلى الإهدار ، وليس للإكراه تأثير في الإهدار ، ولا في تبديل محل الجناية ، وبه فارق حكم الضمان ; لأنا لو جعلنا الفعل منسوبا إلى المكره لا يؤدي إلى الإهدار ، ولا إلى تبديل محل الجناية . .
[ ص: 151 ] قَالَ رَحِمَهُ اللَّهُ ) وَإِذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24889_26395أُكْرِهَ الرَّجُلُ بِوَعِيدِ تَلَفٍ عَلَى أَكْلِ الْمَيْتَةِ ، أَوْ لَحْمِ الْخِنْزِيرِ ، أَوْ شُرْبِ الْخَمْرِ ، فَلَمْ يَفْعَلْ حَتَّى قُتِلَ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ كَانَ آثِمًا ; لِأَنَّ حَالَةَ الضَّرُورَةِ مُسْتَثْنَاةٌ مِنْ التَّحْرِيمِ ، وَالْمَيْتَةُ ، وَالْخَمْرُ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ كَالطَّعَامِ ، وَالشَّرَابِ فِي غَيْرِ حَالَةِ الضَّرُورَةِ ، وَلَا يَسَعُهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى يَتْلَفُ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الَّذِي يَخَافُ الْهَلَاكَ مِنْ الْجُوعِ ، وَالْعَطَشِ
nindex.php?page=treesubj&link=24889_26395إذَا وَجَدَ مَيْتَةً ، أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ أَوْ دَمًا ، فَلَمْ يَأْكُلْ ، وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى مَاتَ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ كَانَ آثِمًا ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِيمَا سَبَقَ فِي الْمَاءِ الَّذِي خَالَطَهُ الْخَمْرُ ، وَالتَّحَرُّز عَنْ قَوْلِ مَنْ خَالَفْنَا فِي شُرْبِ الْخَمْرِ عِنْدَ الْعَطَشِ ، وَفَائِدَةٌ : وَذَكَرَهُ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=17073مَسْرُوقٍ رَحِمَهُ اللَّهُ قَالَ : مَنْ اُضْطُرَّ إلَى مَيْتَةٍ ، أَوْ لَحْمِ خِنْزِيرٍ ، أَوْ دَمٍ ، فَلَمْ يَأْكُلْ ، وَلَمْ يَشْرَبْ ، فَمَاتَ دَخَلَ النَّارَ ، وَهَذَا دَلِيلُنَا عَلَى قَوْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=14954أَبِي يُوسُفَ ، وَفِيهِ دَلِيلُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِإِطْلَاقِ الْقَوْلِ بِدُخُولِ الدَّارِ لِمَنْ يَرْتَكِبُ مَا لَا يَحِلُّ لَهُ ، وَإِنْ كَانَ الْمَذْهَبُ أَنَّهُ فِي مَشِيئَةِ اللَّهِ تَعَالَى إنْ شَاءَ عَذَّبَهُ ، وَإِنْ شَاءَ عَفَا عَنْهُ حَتَّى اشْتَغَلَ بَعْضُهُمْ بِالتَّأْوِيلِ بِهَذَا اللَّفْظِ قَالُوا : مُرَادُهُ الدُّخُولُ الَّذِي هُوَ تَحِلَّةُ الْقَسَمِ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=71، وَإِنْ مِنْكُمْ إلَّا وَارِدُهَا } أَيْ دَاخِلُهَا ، وَهُوَ الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ ، وَالْجَمَاعَةِ وَلَكِنَّ هَذَا بَعِيدٌ ; لِأَنَّ مُرَادَهُ بَيَانُ الْجَزَاءِ عَلَى ارْتِكَابِ مَا لَا يَحِلُّ ، وَلَكِنْ لَا يَظُنُّ أَحَدٌ بِمِثْلِهِ أَنَّهُ يَقْصِدُ بِهَذَا اللَّفْظِ نَفْيَ الْمَشِيئَةِ ، وَقَطْعَ الْقَوْلِ بِالْعَذَابِ ، فَإِنْ كَانَ لَا يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ رَجَوْت أَنْ لَا يَكُونَ آثِمًا ; لِأَنَّهُ قَصَدَ بِهِ التَّحَرُّزَ عَنْ ارْتِكَابِ الْحَرَامِ فِي زَعْمِهِ .
وَهَذَا ; لِأَنَّ انْكِشَافَ الْحُرْمَةِ عِنْدَ تَحَقُّقِ الضَّرُورَةِ دَلِيلُهُ خَفِيٌّ ، فَيُعْذَرُ فِيهِ بِالْجَهْلِ كَمَا أَنَّ عَدَمَ وُصُولِ الْخِطَابِ إلَيْهِ قَبْلَ أَنْ يَشْتَهِرَ يُجْعَلُ عُذْرًا لَهُ فِي تَرْكِ مَا ثَبَتَ بِخِطَابِ الشَّرْعِ يَعْنِي الصَّلَاةَ فِي حَقِّ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِوُجُوبِهَا عَلَيْهِ ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي فَصْلِ الْإِكْرَاهِ عَلَى الْكُفْرِ أَنَّهُ إذَا امْتَنَعَ مِنْ ذَلِكَ حَتَّى قُتِلَ لَمْ يَكُنْ آثِمًا ، وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّهُ مَأْجُورٌ فِيهِ كَمَا جَاءَ فِي الْأَثَرِ أَنَّ الْمُجْبَرَ فِي نَفْسِهِ فِي ظِلِّ الْعَرْشِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إنْ أَبَى الْكُفْرَ حَتَّى قُتِلَ ، وَحَدِيثُ
خُبَيْبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فِيهِ مَعْرُوفٌ ، وَأَشَارَ إلَى الْأَصْلِ الَّذِي بَيَّنَّا أَنَّ إجْرَاءَ كَلِمَةِ الشِّرْكِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ رُخْصَةٌ لَهُ ، وَالِامْتِنَاعُ هُوَ الْعَزِيمَةُ فَإِنْ تَرَخَّصَ بِالرُّخْصَةِ وَسِعَهُ ، وَإِنْ تَمَسَّكَ بِالْعَزِيمَةِ كَانَ أَفْضَلَ لَهُ ; لِأَنَّ فِي تَمَسُّكِهِ بِالْعَزِيمَةِ إعْزَازُ الدِّينِ ، وَغَيْظُ الْمُشْرِكِينَ فَيَكُونُ أَفْضَلَ ، وَعَلَى هَذَا إذَا
nindex.php?page=treesubj&link=24889قِيلَ لَهُ : لَئِنْ صَلَّيْت لَأَقْتُلَنَّكَ فَخَافَ ذَهَابَ الْوَقْتِ ، فَقَامَ ، وَصَلَّى ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَسَعُهُ تَرْكُهُ فَلَمَّا صَلَّى قُتِلَ لَمْ يَكُنْ آثِمًا فِي ذَلِكَ ; لِأَنَّهُ تَمَسَّكَ بِالْعَزِيمَةِ أَيْضًا ، وَكَذَلِكَ صَوْمُ رَمَضَانَ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24889قِيلَ لَهُ : وَهُوَ مُقِيمٌ لَئِنْ لَمْ تُفْطِرْ [ ص: 152 ] لَنَقْتُلَنَّكَ ، فَأَبَى أَنْ يُفْطِرَ حَتَّى قُتِلَ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ كَانَ مَأْجُورًا ; لِأَنَّهُ مُتَمَسِّكٌ بِالْعَزِيمَةِ ، وَفِيمَا ، فَعَلَهُ إظْهَارُ الصَّلَابَةِ فِي الدِّينِ ، وَإِنْ أَفْطَرَ وَسِعَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّ الْفِطْرَ رُخْصَةٌ لَهُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَرِيضًا يَخَافُ عَلَى نَفْسِهِ إنْ لَمْ يَأْكُلْ ، وَلَمْ يَشْرَبْ حَتَّى مَاتَ ، وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّ ذَلِكَ يَسَعُهُ فَحِينَئِذٍ يَكُونُ آثِمًا .
وَكَذَلِكَ لَوْ
nindex.php?page=treesubj&link=24889كَانَ مُسَافِرًا ، فَصَامَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ ، فَقِيلَ لَهُ لَنَقْتُلَنَّكَ ، أَوْ لَتُفْطِرَنَّ ، فَأَبَى أَنْ يُفْطِرَ حَتَّى قُتِلَ كَانَ آثِمًا ; لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَبَاحَ لَهُ الْفِطْرَ فِي هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مُعْتَدًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=184، فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، فَعِنْدَ خَوْفِ الْهَلَاكِ شَهْرُ رَمَضَانَ فِي حَقِّهِمَا أَيَّامُهُ كَلَيَالِيِهِ ، وَكَأَيَّامِ شَعْبَانَ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا ، فَيَكُونُ فِي الِامْتِنَاعِ حَتَّى يَمُوتَ بِمَنْزِلَةِ الْمُضْطَرِّ فِي فَصْلِ الْمَيْتَةِ بِخِلَافِ الصَّحِيحِ الْمُقِيمِ ، فَالْأَمْرُ بِالصَّوْمِ فِي حَقِّهِ عَزِيمَةٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=185، فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمْ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } ، وَالْفِطْرُ عِنْدَ الضَّرُورَةِ رُخْصَةٌ ، فَإِنْ تَرَخَّصَ بِالرُّخْصَةِ ، فَهُوَ فِي سَعَةٍ مِنْ ذَلِكَ ، وَإِنْ تَمَسَّك بِالْعَزِيمَةِ ، فَهُوَ أَفْضَلُ لَهُ ، وَهَذَا كُلُّهُ بِنَاءٌ عَلَى مَذْهَبِنَا أَنَّهُ يَصِيرُ مُفْطِرًا بِالتَّنَاوُلِ مُكْرَهًا وَعِنْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ لَا يَصِيرُ مُفْطِرًا ، وَقَدْ بَيَّنَّا هَذَا فِي الصَّوْمِ ، فَإِنَّ الْخَاطِئَ ، وَالْمُكْرَهَ عِنْدَهُ فِي الْحُكْمِ سَوَاءٌ وَقَالَ : الْمُكْرَهُ مَسْلُوبُ الْفِعْلِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْإِتْلَافَ الْحَاصِلَ بِفِعْلِهِ يَصِيرُ مَنْسُوبًا إلَى الْمُكْرِهِ ، وَلَكِنَّا نَقُولُ الْمُكْرَهُ إنَّمَا يُجْعَلُ آلَةً لِلْمُكْرِهِ فِيمَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لَهُ ، وَهُوَ فِي الْجِنَايَةِ عَلَى صَوْمِ نَفْسِهِ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ آلَةً لِلْغَيْرِ ، فَيَقْتَصِرُ حُكْمُ فِعْلِهِ فِي حَقِّ الْإِفْطَارِ عَلَيْهِ .
( أَلَا تَرَى ) أَنَّ الْمُكْرَهَ لَوْ كَانَ صَائِمًا لَمْ يَصِرْ مُفْطِرًا بِهَذَا ، فَلَوْ جَعَلْنَا الْفِعْلَ عَدَمًا فِي حُكْمِ الْمُكْرَهِ فِي حَقِّ الصَّوْمِ رَجَعَ إلَى الْإِهْدَارِ ، وَلَيْسَ لِلْإِكْرَاهِ تَأْثِيرٌ فِي الْإِهْدَارِ ، وَلَا فِي تَبْدِيلِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ ، وَبِهِ فَارَقَ حُكْمَ الضَّمَانِ ; لِأَنَّا لَوْ جَعَلْنَا الْفِعْلَ مَنْسُوبًا إلَى الْمُكْرِهِ لَا يُؤَدِّي إلَى الْإِهْدَارِ ، وَلَا إلَى تَبْدِيلِ مَحَلِّ الْجِنَايَةِ . .