( قال ) فإن لم يصدق وتؤخذ منه الزكاة عندنا ، وقال قال : دفعتها إلى المساكين رحمه الله تعالى يصدق في ذلك ; لأن الزكاة إنما وجبت لحق الفقراء قال الله تعالى { الشافعي إنما الصدقات للفقراء } ، وقال { والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم } ، فإذا أوصل الحق إلى المستحق والمستحق من أهل أخذ حقه برئت ذمته [ ص: 162 ] كالمشتري من الوكيل إذا أقبض الموكل الثمن ، وهذا ; لأن الساعي يقبض ليصرف إلى الفقراء فهو كفى الساعي هذه المئونة وأوصلها إلى محلها فلم يبق عليه سبيل
( ولنا ) أن هذا حق مالي يستوفيه الإمام بولاية شرعية فلا يملك من عليه إسقاط حقه في الاستيفاء كمن عليه الجزية إذا صرف بنفسه إلى المقاتلة ، ثم تقرير هذا الكلام من وجهين : أحدهما - أن الزكاة محض حق الله تعالى ، فإنما يستوفيه من يعين نائبا في استيفاء حقوق الله تعالى وهو الإمام فلا تبرأ ذمته إلا بالصرف إليه ، وعلى هذا نقول : وإن علم صدقه فيما يقول يؤخذ منه ثانيا ولا يبرأ بالأداء إلى الفقير فيما بينه وبين ربه وهو اختيار بعض مشايخنا - رحمهم الله تعالى - أن للإمام رأيا في اختيار المصرف فلا يكون له أن يبطل رأي الإمام بالأداء بنفسه .
والطريق الآخر أن الساعي عامل للفقير وفي المأخوذ حق الفقير ولكنه مولى عليه في هذا الأخذ حتى لا يملك المطالبة بنفسه ولا يجب الأداء بطلبه فيكون بمنزلة دين لصغير دفعه المديون إليه دون الوصي وعلى هذا الطريق يقول يبرأ بالأداء فيما بينه وبين ربه ، وظاهر قوله في الكتاب " لم يصدق في ذلك " إشارة إلى ذلك وهو أنه إذا علم صدقه لم يتعرض له ، وهذا لأن الفقير من أهل أن يقبض حقه ولكن لا يجب الإيفاء بطلبه فجعل الساعي نائبا عنه كان نظرا من الشرع له ، فإذا أدى من عليه من غير مطالبة إليه حصل به ما هو المقصود بخلاف الصبي ، فإنه ليس من أهل أن يقبض حقه فلا يبرأ بالدفع إليه