( قال ) وإن فعلى [ ص: 176 ] قول كان المال مشتملا على النصاب والوقص فهلك منه شيء أبي حنيفة - رحمهما الله تعالى - يجعل الهالك من الوقص دون النصاب حتى لا يسقط شيء من الزكاة إذا لم ينقص من النصاب وأبي يوسف ومحمد - رحمهما الله تعالى - يجعلان الهالك من الكل حتى إذا كان له تسع من الإبل فحال الحول فهلك منها أربع فعليه في الباقي شاة عند وزفر أبي حنيفة وعند وأبي يوسف محمد - رحمهم الله تعالى - في الباقي خمسة أتساع شاة . ( حجتهما ) قوله صلى الله عليه وسلم { وزفر في خمس من الإبل السائمة شاة إلى تسع } أخبر أن الوجوب في الكل ، والمعنى يشهد له ، فإن المال النامي لا يخلو عن الزكاة وما زاد على النصاب مال نام لا يجب بسببه زيادة فعرفنا أن الوجوب في الكل وهو نظير ما لو شهد له ثلاثة نفر بحق فقضى به القاضي ، فإن القضاء يكون بشهادة الكل ، وإن كان القاضي يستغني عن الثالث وإذا ثبت أن الوجوب في الكل فما هلك يهلك بزكاته وما بقي يبقى بزكاته كالمال المشترك وأبو حنيفة - رحمهما الله تعالى - استدلا بحديث وأبو يوسف عمرو بن حزم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال { : في خمس من الإبل السائمة شاة وليس في الزيادة شيء حتى يكون عشرا فهذا } تنصيص على أن الواجب في النصاب دون الوقص ، والمعنى فيه أن الوقص تبع للنصاب والنصاب باسمه وحكمه يستغني عن الوقص ، والوقص لا يستغني باسمه وحكمه عن النصاب ، والمال متى اشتمل على أصل وتبع فإذا هلك منه شيء يصرف الهلاك إلى التبع دون الأصل كمال المضاربة إذا كان فيها ربح فهلك شيء منها يصرف الهلاك إلى الربح دون رأس المال فكذا هذا ، ثم الأصل عند رحمه الله تعالى أن أول النصاب يجعل أصلا وما بعده بناء وتبعا فيجعل الهلاك فيما زاد على أول النصاب كأنه لم يكن في ملكه إلا أول النصاب ، وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى هو كذلك ما لم يأت نصاب آخر ، فإذا أتى نصاب آخر فحينئذ يجعل آخر النصاب أصلا ، وبيانه أن من أبي يوسف فعند له خمس وثلاثون من الإبل فحال الحول ، ثم هلك خمسة عشر رحمه الله تعالى في الباقي أربع شياه وما هلك صار كأن لم يكن وعند أبي حنيفة رحمه الله تعالى في الباقي أربعة أخماس بنت مخاض ; لأنه يجعل آخر النصاب أصلا والهالك فيما زاد عليه يصير كأن لم يكن ، وعند أبي يوسف رحمه الله تعالى في الباقي أربعة أسباع بنت مخاض ; لأن بنت المخاض واجبة في الكل عنده فيسقط حصة ما هلك ويبقى حصة ما بقي محمد