باب الوصية على الشرط
( قال رحمه الله ) : وإذا فإنها تعتق من ثلثه ; لأن الشرط قبولها الامتناع من التزوج وقد قبلت . أوصى الرجل لأمته أن تعتق على أن لا تتزوج ، ثم مات فقالت : لا أتزوج
( ألا ترى ) أنه لو أعتقها على مال عتقت بنفس القبول فكذلك إذا أوصى بعتقها على أن لا تتزوج تجب الوصية لها بنفس القبول فتعتق من ثلثه .
يوضحه أنه لم يقصد المولى بهذا اللفظ انعدام التزوج منها أبدا فإن ذلك لا يتم إلا بموتها ، وبعد موتها لا يتصور عتقها فعرفنا أن مراده انعدام التزوج عقيب موته ، وقد وجد ذلك حين قبلت أن لا تتزوج فتعتق ، ثم الامتناع من التزوج لا يصير دينا في الذمة لأحد على أحد ، فإن تزوجت بعد ذلك جاز نكاحها ولم تبطل وصيتها ; لأنها قد عتقت ولم يكن للمولى في هذا الشرط منفعة ظاهرة ولا لورثته [ ص: 90 ] ففواته لا يوجب عليها السعاية كما لو كان شرط عليها أن تصوم أو تصلي تطوعا يوضحه أن القدر المشروط امتناعها من الزواج عقيب موته ولم يعقب ذلك . والعتق بعد ما نفذ لا يمكن رده
وإن تزوجت بعد ذلك وكذلك لو قال : هي حرة إن ثبتت على الإسلام أو على أن لا ترجع عن الإسلام ، فإن أقامت على الإسلام ساعة بعد موته فهي حرة من ثلثه ; لأنه لم يكن الشرط ثباتها على الإسلام إلى وقت موتها ، فإن الجزاء وهو العتق لا يترك فيها بعد ذلك واللفظ إذا تعذر فيه اعتبار الأقصى يعتبر الأدنى وذلك في أن تثبت على الإسلام ساعة بعد موته ، ثم ظاهر ما قال يدل على أن العتق يتنجز فيها من غير تنجيز ، وتأويله أنه لم يضف ذلك إلى ما بعد الموت فأما إذا أضافه إلى ما بعد الموت ، فإنها لا تعتق حتى تعتق ; لأن العتق إذا لم يتنجز بنفس الموت فلا بد من التنفيذ بعد ذلك وقد بينا ما في هذا من الكلام في كتاب العتاق في قوله أنت حر بعد موتي بيوم .