فإن المتفق عليه يأخذ من المقر ربع ما في يده في قول رجل مات وترك ابنين فأقر أحدهما بابنين آخرين للميت وصدقه الآخر رحمه الله فيضمه إلى ما في يد المصدق فيقتسمانه نصفين ، وما بقي في يد المقر بينه وبين المجحود نصفان . وجه البناء عليه أن المقر به الأول هاهنا بمنزلة التصديق ; لأنه لما أقر له في وقت لم يكن له بشيء صار كالابن المعروف ، والثالث بمنزلة المتفق عليه ; لأن المعروف قد أقر به ، وصدقه الأول به ، ثم بيان تخريج أبي يوسف أن المقر قد أقر بأن الثالث مساو له في تركة الميت فإنه دافع أربعة ، والتركة بينهم أرباعا إلا أنه لا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الثاني ; لأنه دفعه بقضاء القاضي ، ولا يغرم له شيئا مما دفعه إلى الأول . وإن دفعه بغير قضاء قاض ; لأن الأول مصدق به فيسلم له نصيبه في المدفوع الأول من جهته فيبقى ما بقي في يد المقر له ، وقد أقر أن حقهما فيه على السواء فيأخذ منه نصف ما بقي في يده لهذا ثم يضمه إلى ما في يد الأول فيقتسمانه نصفين ; لأنهما تصادقا أن حقهما في التركة سواء . أبي يوسف
وجه تخريج رحمه الله أن المقر يقول للثالث : أنا قد أقررت بأن حقي في سهم ، وحقك في سهم ، وحق الباقي في سهم إلا أن السهم الذي فيه حقك نصفه في يدي ، ونصفه في يد الأول ، وذلك يصل إليك من جهته ; لأنه أقر بك ، ولا غرم على شيء مما دفعته إلى الثاني لأني دفعته بقضاء القاضي فبقي ما في يدي وحقك فيه في نصف سهم ، وحقي في سهم فيضرب كل واحد منهما بجميع حقه فيكون ما في يده بينهما أثلاثا لهذا ، وجه تخريج محمد الخصاف أن المقر يقول للثالث : أنا قد أقررت بأنك رابع أربعة ، ولا غرم لك علي في شيء مما دفعته إلى الأول ; لأن حقك في ذلك النصف يصل إليك من جهته يبقى حقك في سهم من أربعة من النصف الذي هو في يدك ، والباقي ، وهو ثلاثة بيني وبين الثاني نصفين لكل واحد منها سهم ونصف ، وما دفعت إليه زيادة على حقه إنما دفعته بقضاء القاضي فلا يكون مضموما علي فأنا أضرب فيما في يدي بحقي ، وهو سهم ونصف ، وأنت تضرب بحقك [ ص: 190 ] وهو سهم فانكسر بالإنصاف فتضعفه فيكون للثالث سهمين ، وللمقر ثلاثة فصار ما في يده على خمسة فلهذا يأخذ منه خمسي ما في يده فيضمه إلى ما في يد الأول فيقتسمانه نصفين ، ولو كان المقر به الأول ، وأنكر الثاني والثالث ، وأقر الثاني بالثالث ، وأنكرا جميعا الأول فإن الثالث يأخذ مما في يد المعروف سدس جميع المال ، وهو جميع ما بقي في يده فيضمه إلى ما في يد الثاني فيقتسمانه نصفين ; لأنه أقر أن المال بينهم أرباعا ، وأن حق الأول كان في ربع المال ، وقد دفع إليه النصف بغير قضاء القاضي فالربع الذي دفعه إليه زيادة على حقه يكون من نصيبه خاصة أو يجعل ذلك كالقائم في يده فكان في يده ثلاثة أرباع المال فيلزمه أن يدفع إلى الثاني والثالث كمال حقهما ، وهو نصف المال ، وقد دفع إلى الثاني ثلث المال فيدفع إلى الثالث السدس حتى يجتمع في يدهما نصف المال فيقتسمانه نصفين لتصادقهما ، ويصير كل واحد منها مستوفيا كمال حقه بزعمه .
فإنه يدفع إلى الثالث ما بقي في يده ، وهو سدس المال ، ويغرم له أيضا ثلث سدس جميع المال ; لأنه أقر أن المال بينهما أرباعا إلا أنه دفع إلى الثاني ثلث المال بقضاء القاضي فلا يغرم شيئا من ذلك للثالث ، وقد دفع إلى الأول النصف بغير قضاء القاضي فيكون ضامنا للثالث ما دفعه إلى الأول زيادة على حقه ، ويجعل ذلك كالقائم في يده ثلثا التركة فعليه أن يدفع إلى الثالث ثلث الثلثين ، وثلث الثلثين سدس وثلث سدس ، والباقي في يده السدس فيدفع إليه ذلك ، ويغرم له ثلث سدس من ماله حتى يصير هو مستوفيا كمال حقه بزعمه . ولو لم يصدق كل واحد منهما بالثالث ، والمسألة بحالها