ص ( وصرفه للحج ، والقياس : القران ) 
ش : يعني أنه إذا أحرم وأبهم ، ولم يعين النسك الذي يحرم به  ، فإن الإحرام ينعقد مطلقا ويخير في صرفه إلى أحد الأوجه الثلاثة ، والأولى أن يصرفه للحج فقوله : وصرفه للحج ، وهو على جهة الأولى قال  ابن الحاجب  ، وإذا أحرم مطلقا جاز وخير في التعيين ، وقال في التوضيح : قال  مالك  في الموازية : إذا أحرم مطلقا أحب إلي أن يفرد ، والقياس أن يقرن ، وقاله  أشهب  ، وقيل : القياس : أن يصرفه إلى العمرة ثم قال ابن عبد السلام    : ما نقله المصنف  هو : المذهب بلا شك ، ونقله غير واحد ، وإن كان بعض شيوخ المذهب ممن تكلم على الحديث نقل عن المذهب خلافه انتهى . 
وقال ابن عرفة    : ومن نوى مطلق الإحرام فلابن محرز  عن  أشهب  خير في الحج والعمرة وللصقلي  واللخمي  عنه الاستحسان إفراده ، والقياس قرانه وتعقبه التونسي  بأن لازم قوله : في القران فمحتمل أقله العمرة انتهى . 
وقال سند    : الصحيح أن العمرة تجزئه كما أنه إذا التزم الإحرام من غير تعيين تجزئه العمرة انتهى . 
يعني إذا نظر الإحرام فظهر أن قول المصنف : صرفه للحج إنما هو على جهة الأولى ، والله أعلم . 
وقال الشيخ زروق  في شرح الإرشاد : ومن أحرم بالإطلاق أي : دون تعيين نسك ، قال  أشهب    : يخير بين الحج والعمرة والمشهور : يحمل على الحج ، وقاله  مالك  في الموازية والقياس على القران ; لأنه أحوط ، وقال اللخمي  إن كان آفاقيا كأهل المغرب  حمل على الحج ، وهذا كله ما لم يقصد أحد الأقوال ويعمل عليها ، والله سبحانه أعلم . 
انتهى . 
( تنبيه ) : وهذا إذا أحرم ، في أشهر الحج ، فإن أحرم مطلقا قبل أشهر الحج  فقال ابن جماعة الشافعي    : إطلاق  ابن الحاجب  يقتضي أنه يخير في التعيين انتهى . 
( قلت    : ) ولكنه يكره له صرفه إلى الحج قبل أشهره على المشهور ; لأن ذلك كإنشاء الحج حينئذ ، وعلى مقابله إنما ينعقد عمرة ، وهذا ظاهر ، والله أعلم . 
( فرع ) : قال سند    : إذا أحرم مطلقا ، ولم يعينه حتى طاف  فالصواب : أن يجعله حجا ، ويقع هذا طواف القدوم ، وإنما قلنا : لا يجعله عمرة ; لأن طواف القدوم ليس بركن في الحج ، وطواف العمرة ركن فيها ، وقد وقع هذا الطواف بغير نية فلم يصلح أن يقع ركنا في العمرة بغير نية ، وخف ذلك في القدوم ، ويؤخر سعيه إلى إفاضته انتهى . 
وانظر لو سعى ، وصرفه لحج بعد السعي هل يعيد السعي بعد الإفاضة أم لا  ؟ والذي ظهر للذاكرين أنه يعيد احتياطا ، والله أعلم . 
، وذكر الفرع الذي قاله سند  القرافي  ، ولم يعزه لسند  وسقط منه ، ويؤخر سعيه إلى إفاضته وعزا نقله للمصنف  في توضيحه ومناسكه وتأمل قوله ويؤخر سعيه إلى إفاضته ، والذي يظهر أنه لما كان السعي لا يصح إلا بعد طواف ينوي به القدوم ، وهذا الطواف  [ ص: 47 ] لم ينو به القدوم ، ولكنه لما كان أول طوافه جعلوه بمنزلة طواف القدوم ، ففات محل طواف القدوم أخر سعيه إلى ذلك ، وهذا تكلف ، والله أعلم . 
( فرع ) : قال ابن جماعة  في منسكه الكبير في أوجه الإحرام : لو أحرم بعمرة ثم أحرم مطلقا  فوجهان عند الشافعية أحدهما : أن يكون مدخلا للحج على العمرة ، والثاني : وإن صرفه إلى الحج كان كذلك ، وإن صرفه إلى العمرة يبطل الثاني ، وعند المالكية أنه يصير قارنا انتهى . 
ص ( وإن نسي فقران ونوى الحج وبرئ منه فقط ) 
ش يعني أن من أحرم بنسك معين ثم إن نسي ما أحرم به ، فإنه يبني على القران ويجدد الآن نية الإحرام بالحج احتياطا ، فإن إحرامه الأول : وإن كان حجا أو قرانا لم يضره ذلك ، وإن كان عمرة ارتدف ذلك الحج عليها ، وقد صار قارنا ، ويكمل حجه ، فإذا فرغ من حجه الأول أتى بعمرة لاحتمال أن يكون إحرامه الأول إنما هو بحجة فقط ، فلم يحصل له عمرة ، وهذا معنى قوله : وبريء منه فقط ، قال في التوضيح : إذا أحرم بمعين ثم نسي ما أحرم به  أهو عمرة أو قران أو إفراد ؟ فإنه يحمل على الحج والقران أي : يحتاط بأن ينوي الحج ; إذ ذاك ويطوف ويسعى بناء على أنه قارن ويهدي للقران ويأتي بعمرة لاحتمال أن يكون إنما أحرم أولا بإفراد انتهى . 
وقوله : ويطوف ويسعى يعني إن لم يكن طاف وسعى ، وإن كان طاف وسعى أجزاه وقوله : إذ ذاك أي : وقت شكه ، وإطلاقه مخالف لما قاله سند  من أنه وقع شكه في أثناء الطواف والسعي فليمر على ما هو عليه حتى إذا فرغ من سعيه أحرم بالحج ، ما قاله سند  هو : الظاهر ثم قال : فإن عجل فنوى الحج في أثناء الطواف والسعي  جرى على الاختلاف في إرداف الحج فيهما ، ونص كلامه : ولو نوى شيئا ونسيه فهذا قارن ، ولا بد ، وقاله  أشهب  في المجموعة والوجه عندي : أن ينوي إحراما بالحج ، فإن كان إحرامه الأول بالحج لم يضره ، وإن كان بالعمرة ، ولم يطف بعد فهو قارن ، ويصح الحج في الصورتين ، وإن كان بعد السعي ، فأحرم بالحج ، فهو متمتع إن كان في أشهر الحج ويصح حجه أيضا ، وهو أصلح ، ومن يبقى على إحرامه ، ولعله بعمرة ، فلا يصح له به حج ، وينبغي أن يهدي احتياطا لخوف تأخير الحلاق ، وإن وقع شكه بعد سعيه ، وإن كان في أثناء الطواف والسعي ، فليس على ما هو عليه حتى إذا فرغ من سعيه أحرم بالحج ، وإن عجل ، فنوى الحج ، هل يجزئه ذلك يخرج على الاختلاف في إرداف الحج في أثناء الطواف أو السعي  ، وذلك ; لأنه لا يتعين ما كان إحرامه ، فإن قدرناه عمرة وصححنا الإرداف ، فقد صح حجه ، وإن لم نصحح الإرداف لم يصح حجه ، فلهذا قلنا يجدد نية الحج بعد السعي ليكون على يقين من صحة حجه ، وإن لم يفعل لم يجزئ بحجة ، وعليه القضاء لكونه على غير يقين من إحرامه انتهى . 
والمشهور : أن الإرداف يصح من غير كراهة في أثناء الطواف وبالكراهة بعد الطواف وقبل الركوع ، أما بعد الركوع وأثناء السعي ، فلا يصح الإرداف وقوله في التوضيح : ويطوف ويسعى بناء على أنه قارن ظاهره أنه لو وقع شكه في أثناء الطواف ونوى الحج  أن يكمل طوافه ويسعى في هذه الصورة كذلك ، والله أعلم . 
، وليس هذا بمنزلة من أردف في الحرم    ; لأن هذا ليس على يقين مما أحرم به لاحتمال أن يكون إحرامه الأول قرانا أو إفرادا ، والله أعلم . 
، أما لو وقع شكه بعد الركوع أو في أثناء السعي ونوى الحج لم يصح ويعيد النية بعد السعي كما قال سند  ، والله أعلم . 
ص ( كشكه أفرد أو تمتع ) 
ش : هذا التشبيه لهذا الفرع بما قبله في الأخذ بالأحوط ، وكان الأولى أن يقول كشكه أحرم بحج أو بعمرة وتبع - رحمه الله - عبارة  ابن الحاجب  مع أنه قد اعترض عليه بنحو ما ذكرنا ، وفهم من تشبيه المصنف  أنه ينوي الحج هنا أيضا لاحتمال أن يكون إحرامه الأول : عمرة ، وهو  [ ص: 48 ] ظاهر ، وقال ابن عبد السلام  في شرح قول  ابن الحاجب    : وينوي الحج يعني بعد فراغه من السعي ، وهذا لا يحتاج إليه باعتبار قصد براءة الذمة ; لأنه إن كان في نفس الأمر في حج ، فهو متماد ، وإن كان في عمرة ، فالمطلوب إنما هو تصحيحها ، وقد حصل جميع أركانها ، وإنما أمره بذلك ندبا ليوفي بما نواه إن كان قد نواه ، وهو التمتع ; لأنه قد يكون أتى بأحد جزأي التمتع ، وهو العمرة ، وبقي الجزء الأخر ، وهو الحج ; ولهذا لما فرض اللخمي  المسألة فيمن شك ، هل أفرد أو اعتمر  لم يذكر إنشاء الحج وتبعه على ذلك غير واحد انتهى . 
، وقال ابن عرفة    : قال اللخمي    : والشك في إفراد وقران قران ، وفي حج وعمرة حج ، وأهدى لتأخير حلق العمرة لا القران ، فإنه لم يحدث نية ، فإن كانت نية بحج ، فواضح ، وإن كانت بعمرة ، فما زاد على فعلها لا يصيره قارنا ثم اعترض على  ابن الحاجب  في قوله : وينوي الحج بأنه خلاف قول اللخمي  قلت    : في كلام اللخمي  وابن عبد السلام  وابن عرفة  نظر ; لأنه إذا لم يحدث فيه الحج لم يبرأ منه لاحتمال أن يكون الإحرام الأول إنما هو بعمرة ، وما ذكره إنما هو كاف في خلوصه من عمرة الإحرام الذي هو فيه أما إذا لم يحج الفرض ، فلا يخلص بذلك من حجة الإسلام ، وإن كان قد حج لم يحصل له ثواب الحج التطوع ، الصواب ما قاله  ابن الحاجب  وتبعه المصنف  عليه من أنه ينوي الحج ، ولا نقول : إنه ينويه بعد فراغه من السعي كما قاله ابن عبد السلام  بل ينويه حين وقع له الشك ; لأنه إن كان ذلك قبل الطواف كان مردفا للحج على العمرة إن كان إحرامه الأول عمرة ، وإن كان حجا لم يضره ذلك ، وإن كان بعد فراغه من السعي كان محرما بحج بعد الفراغ من العمرة إن كان الأول عمرة ، وإن كان حجا لم يضره ذلك نعم إن وقع له الشك في أثناء الطواف أو في أثناء السعي ، فليصبر حتى يفرغ من سعيه ثم ينوي الحج للخلاف الذي في الإرداف إذا وقع في أثناء الطواف والسعي كما سيأتي ، فإن نواه في الطواف أو بعد الفراغ وقبل الركوع صح على المشهور ، وإن نواه بعد الركوع أو في أثناء السعي لم يصح ويعيد النية ، والله أعلم . 
وفي كلام صاحب الطراز المتقدم إشارة إلى ذلك ، أما كونه لا يبرأ إلا من الحج فقط ، فلم أر من صرح به في هذه المسألة بل صرح في الشامل بنفيها ، فقال : ولو نسي ما أحرم به نوى الحج وتمادى قارنا ، فطاف وسعى وأهدى ثم اعتمر ، كما لو شك أفرد أو تمتع ؟ ولا عمرة ، ولكن ما قاله المصنف  ظاهر ، ومن جهة المعنى إذ لا فرق بين هذه المسألة والتي قبلها في موجب العمرة ، فتأمله ، والله أعلم . 
وقال ابن غازي    : قوله : كشكه أفرد أو تمتع ليس بمثال لأصل المسألة ، فإن الذي قبله نسي ما أحرم به من كل الوجوه ، وهذا جزم بأنه لم يحرم بعمرة ، ولا بقران وشك ، هل أحرم بالإفراد أو بالتمتع ؟ انتهى . 
( قلت    : ) نحوه لابن عبد السلام  ، وهو سهو ظاهر ; لأن الإحرام بالعمرة هو التمتع ، ويظهر من كلام ابن عبد السلام  السابق أن بينهما فرقا ، وليس كذلك ، والله أعلم . 
				
						
						
