ص ( وجاز بسقائف لزحمة ، وإلا عاد ، ولم يرجع له ، ولا دم )
ش يعني أن من طاف في سقائف المسجد لزحام ، فإن طوافه جائز ، قال في المدونة : ، ومن فلا بأس ، وإن طاف في سقائفه بغير زحام ونحوه أعاد الطواف ، وقال طاف وراء زمزم أو سقائف المسجد من زحام الناس : لا يصح الطواف في السقائف ، ولو لزحام ، وهو كالطواف من خارج المسجد ، قال أشهب : ولا يمكن أن ينتهي الزحام إلى السقائف انتهى . سحنون
( قلت : ) ، ولم نسمع قط أن الزحام انتهى إليها بل لا يجاوز الناس محل الطواف المعتاد ، والله أعلم .
وقوله : وإلا أعاده ، وإن أو نحو ذلك ، فإنه لا يجزئه ويعيد طوافه ما دام طاف في السقائف لا لزحام بل لحر أو مطر بمكة ، فإن رجع إلى بلده لم يرجع لأجل الطواف ، ولا دم عليه أما ما ذكره من عدم وجوب الدم فهو جائز على ما نقله ابن عبد السلام عن وتبعه في التوضيح ، والذي نقله الباجي ابن بشير وابن شاس وجوب الدم قال ابن بشير : ولا يطوف من وراء زمزم ، ولا من وراء السقائف ، فإن فعل مختارا أعاد ما دام بمكة ، فإن عاد إلى بلده فهل يجزئه الهدي أو يرجع للأشياخ قولان : أحدهما : الإجزاء ; لأنه قد طاف بالبيت ، الثاني : يرجع ; لأنه قد طاف في غير الموضع الذي شرع فيه الطواف انتهى .
وقال ابن شاس : ولا يطوف من وراء زمزم ، ولا من وراء السقائف ، فإن فعل مختارا أعاد ما دام بمكة ، فإن رجع إلى بلده فهل يجزئه الهدي أو يلزمه الرجوع ؟ قولان للمتأخرين انتهى .
ونقل كلامهما في التوضيح ، وقال ابن عرفة : وفيها لا بأس به من وراء زمزم لزحام ، وفي صحته في سقائف له أي : للزحام قولا ابن القاسم ، ولا لزحام في عدم رجوعه له من بلده قولا وأشهب الشيخ وابن شبلون وخرجهما الصقلي على قولي ابن القاسم متمما قول الشيخ بالدم ، ونقل وأشهب ابن عبد السلام تفسير بعدم الدم لم أجده انتهى . الباجي
وقال في تهذيبه : قال بعض شيوخنا من أهل بلدنا فيمن [ ص: 81 ] طاف في سقائف المسجد من غير زحام ورجع إلى بلده فيجزئه ، ولا دم في هذا ، وقد ذكرنا في كتاب النكت اختلاف عبد الحق أبي محمد وابن شبلون ، هل يرجع لذلك من بلده أو لا على ما ذكرت عنهما انتهى .
ولم يذكر في كتاب النكت عن أبي محمد سقوط الدم ، ولا وجوبه ، أما ابن يونس ، فإنه فسر كلام أبي محمد بأنه يجزئه مع الدم ، كما نقله عنه ابن عرفة ، وقال بمنزلة من طاف راكبا ، ونقل أبو الحسن كلام ابن يونس ، ونقل عن اللخمي أنه يجزئه ، وعليه دم ، ولم أقف على ذلك في كلام اللخمي بنفي ، ولا إثبات ، ونصه : ولا يطوف في الحجر ، ولا من وراء زمزم ، ولا في سقائف المسجد ثم قال : وإن طاف في سقائف المسجد من زحام أجزأه ، وإن فعل اختيارا أو فرارا من الشمس أعاد قال ابن القاسم في المجموعة : لا يجزئه إن كان فرارا من الشمس قال : وهو كالطائف من خارج المسجد ، وعلى قولهما : لا يجزئ الطائف من وراء زمزم ; لأنه يحول بينه وبين أشهب البيت ، كما حالت أسطوانات السقائف بينه وبين البيت انتهى .
فلم يتعرض لعدم الرجوع فضلا عن لزوم الدم إذا علم ذلك فما ذكره المصنف موافق لما ذكره في تهذيبه ولكن الظاهر وجوب الدم ، والله أعلم . عبد الحق
( تنبيهات الأول : ) لم يذكر المصنف حكم الطواف من وراء زمزم ، وجعل اللخمي حكمه حكم الطواف في السقائف ، وخرجه على قول ابن القاسم في الطواف فيها ونصه : ولا يطاف في الحجر ، ولا من وراء زمزم ، ولا في سقائف المسجد ثم قال : فإن طاف في سقائف المسجد من زحام أجزأه ، وإن فعل اختيارا أو فرارا من الشمس أعاد قال وأشهب ابن القاسم في المجموعة : لا يجزئه إن كان فرارا من الشمس قال : وهو كالطائف من خارج المسجد ، وعلى قولهما : لا يجوز الطواف من وراء زمزم ; لأنه يحول بينه وبين أشهب البيت ، كما حالت أسطوانات السقائف بينه وبين البيت انتهى .
ورده صاحب الطراز بأن زمزم في جهة واحدة فلا تؤثر كالمقام وحفر في المطاف ، ونصه : وخرج بعض المتأخرين الطواف من وراء زمزم على منع في السقائف ، والفرق أن زمزم في بعض الجهات عارض في طريق الطائفين فلا يؤثر في المقام ، وحفر في المطاف ; لأن زمزم في حيالته كأسطوانات السقائف ، وليس كذلك ، فإن زمزم في جهة مخصوصة كأنه عارض عرض في بعض طريق الطائفين فلا يؤثر كالمقام وكخشب الوقيد وكحفر في المطاف وشبه ذلك بخلاف الأسطوانات الدائرة بالسقائف ، فإنها كالحاجز الدائر الخارج عن سلك الطائفين انتهى . أشهب
ونقله القرافي باختصار ونصه ، قال سند : وخرج بعض المتأخرين المنع من وراء زمزم على منع في السقائف ، والفرق أن زمزم في بعض الجهات عارض في طريق الطائفين فلا يؤثر كالمقام أو حفر في المطاف انتهى . أشهب
وعزا في التوضيح الفرق المذكور للقرافي وتبع اللخمي في إلحاق زمزم بالسقائف ابن بشير وابن شاس واقتصرا على ما قاله ، وتقدم كلامهما ، وتبعهم على ذلك إلا أنه حكى في ذلك قولين ، وجعل الأشهر منهما اللحوق ، فقال : داخل المسجد لا من ورائه ، ولا من وراء زمزم وشبهه على الأشهر إلا من زحام انتهى . ابن الحاجب
، وأنكره ابن عرفة انتهى .
فقال : وألحق اللخمي بها أي : بالسقائف ما وراء زمزم ورده سند بأن زمزم في جهة واحدة فقط فقول : من وراء زمزم وشبهه على الأشهر إلا من زحام لا أعرفه انتهى . ابن الحاجب
وسبقه إلى الإنكار المذكور المصنف في التوضيح ونصه في شرح قول المذكور ، قال ابن الحاجب : لا خلاف أنه إذا طاف خارج المسجد نفى الإجزاء ، وعلى هذا فقوله : على الأشهر عائد على زمزم وشبهه وشبه زمزم قبة الشراب ويحمل قوله : على الأشهر على ما إذا فعل ذلك لا على الابتداء ، وإن كان ظاهر كلامه ، وانظر كيف شهر ابن هارون المصنف عدم الإجزاء في زمزم وشبهه ، والخلاف فيه على [ ص: 82 ] ما نقل ابن شاس وغيره للمتأخرين ولكون ابن القاسم لم يتكلما على زمزم خرجه وأشهب اللخمي على قولهما في السقائف انتهى كلام التوضيح .
( قلت : ) ما قاله اللخمي وخرجه على قول ابن القاسم وأشهب ، وقال به غير واحد من أئمة المذهب المتأخرين كابن بشير وابن شاس وتبعهم عليه من أن حكم زمزم حكم السقائف هو الظاهر ، والله أعلم . ابن الحاجب
وقوله في التوضيح : ويحمل قوله : على الأشهر على ما إذا فعل ذلك لا على الابتداء أشار به لقول ابن عبد السلام في شرحه لهذا المحل ، وظاهر كلام المؤلف يعني أن في جواز الطواف من وراء زمزم قولين مشهورين وأشهرهما عدم الجواز إلا من عذر ، والذي حكاه غيره ، وهو أقرب إلى التحقيق أن القولين إنما هما بعد الوقوع فقال ابن الحاجب ابن القاسم : يجزئ مع العذر ، وقال : لا يجزئ انتهى . أشهب
( الثاني : ) فهم من احتجاج سند بجواز من وراء زمزم لكونها في جهة واحدة كالمقام أن الطواف من خلف المقام لا يؤثر ، وهو ظاهر ، وكذلك - والله أعلم - لا يؤثر فيما يظهر ، والله أعلم . الطواف من خلف الأساطين التي في ناحية الطواف
( الثالث : ) تقدم في كلام التوضيح في شبه زمزم أنه كقبة الشراب ، والله أعلم .