. ( فرع ) إذا كانت مما يعفى عنه كالدم القليل والقيح والصديد هل يعفى عنها في الطعام ، أم لا ؟ لم أر فيه نصا صريحا والظاهر عدم العفو كما سيأتي وظاهر كلام النجاسة القليلة الواقعة في الطعام ابن عبد السلام الآتي عند قول المصنف ودون درهم أنه معفو عنه فإنه قال اختلف في الدم اليسير هل يغتفر مطلقا على جميع الوجوه حتى يصير كالمائع الطاهر واغتفار مقصور على الصلاة فلا يقطع لأجله إذا ذكره ولا يعيد ، وأما قبل فيؤمر بغسله على جهة الندب قال : الأول أظهر وهو [ ص: 110 ] مذهب العراقيين كغيره من النجاسات المعفو عنها والثاني مذهب المدونة انتهى . وعزاه صاحب الطراز وابن عرفة وابن ناجي وغيرهم لابن حبيب قال صاحب الطراز وهو ظاهر خلاف المذهب ، وقد يقال : إن هذا كله إنما هو بالنظر إلى الصلاة به ، وهذا هو الظاهر والله أعلم .
( تنبيه ) علم من كلام ابن رشد المتقدم أنه لا فرق بين أن تلاقي النجاسة مائعا كاللبن ، أو جامدا ثم يصير مائعا كالدقيق يعجن ، وعلم منه أيضا أنه إذا اختلط نجس بأشياء طاهرة كثيرة غير مائعة ولم يعلم النجس أنه لا يطرح الجميع لأجل الشك كما لو اختلطت تفاحة نجسة ، أو رطبة ، أو نحوها بكوم تفاح ، أو رطب ، وقال ابن ناجي في شرح قول المدونة : " ومن غسله كله ، وإن علم تلك الناحية غسلها " قالوا : يقوم منها إذا وقعت قطعة من لحم خنزير في كدس لحم أنه إن علم تلك الناحية تركها وأكل ما بقي ، وإلا طرح كله انتهى . ويمكن الجمع بينه وبين كلام أيقن أن نجاسة أصابت ثوبه لا يدري موضعها ابن رشد بأن كلام ابن رشد فيما كان كثيرا جدا كما يظهر من كلامه فتأمله ، وعلم منه أيضا أن ما لاقاه نجس لا يتحلل فإنه لا ينجسه ، وقد تقدم شيء من ذلك .
( تنبيه ) لا خصوصية للطعام بما ذكر كما قد يتبادر من ظاهر لفظه بل هو حكم سائر المائعات حتى الماء المضاف كما تقدم ذلك في كلام اللخمي فقول المصنف كثير طعام إنما خرج مخرج الغالب والله أعلم .