وبدأ المصنف بالكلام على النوع الأول أعني الذبح مشيرا إلى [ ص: 209 ] فقال : الذكاة قطع مميز يناكح يعني أنه يشترط في الذبح شرطان : الأول أن يكون مميزا ، فلا تصح ذكاة غير المميز من صبي أو مجنون أو سكران قال في التوضيح : لافتقار الذكاة إلى نية بإجماع والنية لا تصح منهم ، فلا تصح ذكاتهم انتهى . شروط الذابح
وقال ابن رشد : لأن شرط التذكية النية ، وهو القصد إلى الذكاة ، وهي لا تصح ممن لا يعقل وقال ابن عبد السلام ومن كتاب وغيره : ولا تؤكل ذبيحة من لا يعقل من مجنون أو سكران ، وإن أصابا لعدم القصد واعلم أنه لا بد في الذكاة من النية وحكى بعضهم الإجماع على ذلك ، فلذلك لم تصح ابن المواز ، وهذا إذا كان الجنون مطبقا ، وكذلك السكران ، وأما لو ذكى المجنون في حال إفاقته أو كان ممن يفيق ، فإنها تؤكل ، وإن كان السكران يخطئ ، ويصيب ، فأشار بعض الشيوخ إلى أنه يختلف في تذكيته انتهى . ذكاة المجنون والسكران
وجعل صاحب البيان السكران الذي يخطئ ويصيب ممن يكره ذبحه وتبعه في الشامل الشرط الثاني أن يكون يناكح بفتح الكاف أي يجوز للمسلم أن يتزوج منهم فيشمل كلامه الكتابي وفي المدونة في كتاب الذبائح تجوز ذبيحته ذميا كان أو حربيا ، ونصها : وذبيحة الحربيين ، ومن عندنا من أهل الذمة سواء ، واحترز به ممن لا تجوز مناكحته كالمجوسي والمرتد والزنديق والصابئ ، والصابئة طائفة بين النصرانية والمجوسية يعتقدون تأثير النجوم ، وأنها فعالة وقال : هم بين النصرانية واليهودية وعن مجاهد أنهم يعبدون الملائكة ويصلون للشمس كل يوم خمس مرات ، ولا فرق في المرتد بين أن يكون ارتد إلى دين أهل الكتاب أو إلى غيره قال في المدونة : خلافا قتادة للخمي في قوله ينبغي أن تصح ذكاته إذا ارتد إلى دين أهل الكتاب ; لأنه صار من أهل الكتاب ، وعلم من كلام المصنف جواز من غير كراهة ; لأنه لم يذكرهما مع من يكره ذبحه ، وهو المشهور ومذهب المدونة وفي الموازية كراهية ذبحهما ، وعليه اقتصر ذبح الصغير المميز والمرأة ابن رشد في البيان في سماع أشهب وقال قبله في آخر سماع ابن القاسم : ويجوز ; لأن النية تصح من جميعهم ، وهي القصد إلى الذكاة انتهى . ذبح من لم يبلغ من الرجال والنساء والأحرار والعبيد
وقال في التوضيح : ظاهر كلام أن في صحة ذكاتهما قولين والقول بعدم الصحة غير معلوم في المذهب ، والذي حكاه غير واحد أن الخلاف إنما هو في الكراهة ، وقال ابن الحاجب ابن بشير في المذهب رواية بعدم الصحة ، وهي محمولة على الكراهة ، وعن تذبح المرأة أضحيتها ، ولا يذبح الصبي أضحيته ، فرأى بعضهم أن هذا يدل على أن ذبيحة الصبي أشد كراهة ، والمعروف أن الخلاف مع عدم الضرورة ، وأما مع الضرورة ، فتصح من غير كراهة ، وحكى مالك اللخمي قولا بالكراهة مطلقا ، وإن كان من ضرورة