وأما فقال قتل الكلاب إذا آذت في شرح القرطبي في كتاب البيوع : قلت الحاصل من هذه الأحاديث أن قتل الكلاب غير المستثنيات مأمور به إذا أضرت بالمسلمين فإن كثر ضررها ، وغلب كان الأمر على الوجوب ، وإن قل وندر ، فأي كلب أضر وجب قتله وما عداه جائز قتله ; لأنه سبع لا منفعة فيه وأقل [ ص: 237 ] درجاته توقع الترويع ، وأنه ينقص من أجر مقتنيه كل يوم قيراطان ، فأما المروع منهن غير المؤذي ، فقتله مندوب إليه أما الكلب الأسود ذو النقطتين ، فلا بد من قتله للحديث المتقدم ، وقلما ينتفع بمثل تلك الصفة انتهى . مسلم
وقال في رسم مساجد القبائل من سماع ابن القاسم من كتاب السلطان : وسئل عن قتل الكلاب أترى أن تقتل قال : نعم أرى أن يؤمر بقتل ما يؤذي منها في المواضع التي لا ينبغي أن تكون فيها قلت له في مثل مالك قيروان والفسطاط قال : نعم وأما كلاب الماشية فلا أرى ذلك قال ابن رشد ذهب رحمه الله في قتل الكلاب إلى ما رواه في موطئه عن مالك عن نافع { عبد الله بن عمر } ومعنى ذلك عنده ، وعند من سواه ممن أخذ بالحديث في الكلاب المنهي عن اتخاذها ، وقد جاء ذلك مفسرا في الأحاديث فلا اختلاف في أنه لا يجوز أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب قتل كلاب الماشية والصيد والزرع
ومن أهل العلم من ذهب إلى أنه لا يقتل من الكلاب إلا الكلب الأسود البهيم لما روي عن قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { عبد الله بن مغفل } وقال من ذهب إلى هذا المذهب : الأسود البهيم من الكلاب أكثر أذى وأبعدها من تعلم ما ينفع وروى أيضا أنه شيطان أي بعيد من الخير والمنافع قريب الأذى ، وهذا شأن الشيطان من الإنس والجن ، وقد كره لولا أن الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود الحسن قصد الكلب الأسود وذهب كثير من العلماء إلى أنه لا يقتل من الكلاب أسود ، ولا غيره إلا أن يكون عقورا مؤذيا ، وقالوا : الأمر بقتل الكلاب منسوخ بقوله عليه الصلاة والسلام { وإبراهيم } فعم ، ولم يخص كلبا من غيره واحتجوا بالحديث الصحيح في { لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا } قالوا فإذا كان الأجر في الإحسان إليه فالوزر في الإساءة إليه ولا إساءة إليه أعظم من قتله ، وليس في قوله عليه الصلاة والسلام { الكلب الذي كان يلهث عطشا ، فسقاه الرجل ، فشكر الله له وغفر له وقال : في كل كبد رطبة أجر } ما يدل على قتله ; لأن شياطين الإنس والجن كثير ، ولا يجب قتلهم ، وقد { الكلب الأسود البهيم شيطان } وما ذهب إليه رأى صلى الله عليه وسلم رجلا يتبع حمامة ، فقال : شيطان يتبع شيطانة أولى ; لأن الأمر بقتلها قد جاء عن مالك أبي بكر وعمر وعثمان وبالله التوفيق انتهى . والله أعلم . وعبد الله بن عمر