( مسألة ) قال ابن عرفة  الشيخ عن الموازية : أيغزى بغير إذن الإمام ؟ قال : أما الجيش والجمع فلا إلا بإذن الإمام وتولية وال عليهم ، وسهل  مالك  لمن قرب من العدو يجد فرصة ويبعد عليه الإمام محمد   ، كمن هو منه على يوم ونحوه ، ولابن مزين  عن ابن القاسم  إن طمع قوم بفرصة في عدو قربهم وخشوا إن أعلموا إمامهم منعهم فواسع خروجهم ، وأحب استئذانهم إياه ، ثم قال ابن حبيب  سمعت أهل العلم يقولون : إن نهى الإمام عن القتال لمصلحة  حرمت مخالفته إلا أن يدهمهم العدو ا هـ . من أوائل الجهاد منه وفي سماع  أشهب  ، وسئل  مالك  عن القوم يخرجون في أرض الروم  مع الجيش فيحتاجون إلى العلف لدوابهم ، فتخرج جماعة إلى هذه القرية ، وجماعة إلى قرية أخرى يتعلفون لدوابهم ولا يستأذنون الإمام ، فربما غشيهم العدو فيما هناك إذا رأوا غرتهم وقتالهم فقتلوهم أو أسروهم أو نجوا منهم ، وإن تركنا دوابنا هلكت ؟ فقال : أرى إن استطعتم استئذان الإمام أن تستأذنوه ، ولا أرى أن تغزوا بأنفسكم فتقتلون في غير عدة ولا كثرة ، ولا أرى ذلك . وسئل  مالك  عن العدو ينزل بساحل من سواحل المسلمين يقاتلونهم بغير استئمار الوالي ؟  فقال : أرى إن كان الوالي قريبا منهم أن يستأذنوه في قتالهم قبل أن يقاتلوهم ، وإن كان بعيدا لم يتركوهم حتى يقعوا بهم ، فقيل له : بل الوالي بعيد منهم . فقال : كيف يصنعون أيدعوهم حتى يقعوا بهم أرى أن يقاتلوهم . 
قال ابن رشد  وهذا كله كما قال : إنه لا ينبغي لهم أن يغزوا بأنفسهم في تعلفهم وأن الاختيار لهم أن يستأذنوا الإمام في ذلك إن استطاعوا ، ويلزمهم ذلك إن كان الوالي عدلا على ما قاله  ابن وهب  في سماع زونان  ، وهو عبد الملك بن الحسن  ، وأن قتال العدو بغير إذن الإمام لا يجوز إلا أن يدهمهم فلا يمكنهم استئذانه انتهى من سماع زونان    . 
سئل  عبد الله بن وهب  عن القوم يواقعون العدو هل لأحد أن يبارز بغير إذن الإمام . 
فقال : إن كان الإمام عنده لم يجز له أن يبارز إلا بإذنه ، وإن كان غير عدل فليبارز وليقاتل بغير إذنه ، قلت  له والمبارزة والقتال عندكم واحد ، قال : نعم . قال ابن رشد  وهذا كما قال : إن الإمام إذا كان غير عدل لم يلزمهم استئذانه في مبارزة ولا قتال ، إذ قد ينهاهم عن غرة قد ثبتت له على غير وجه نظر يقصده لكونه غير عدل في أموره فيلزمه طاعته ، فإنما يفترق العدل من غير العدل في الاستئذان له لا في طاعته إذا أمر بشيء أو نهى عنه ; لأن الطاعة للإمام من فرائض الغزو فواجب على الرجل طاعة الإمام فيما أحب أو كره ، وإن كان غير عدل ما لم يأمره بمعصية ، انتهى . 
وفي سماع  أصبغ  وسمعت ابن القاسم  ، وسئل عن ناس يكونون في ثغر من وراء عورة المسلمين ، هل يخرجون سراياهم لغرة يطمعون بها من عدوهم من غير إذن الإمام والإمام منهم على أيام ؟ قال : إن كانت تلك الغرة بينة قد ثبتت لهم منهم ولم يخافوا أن يلقوا بأنفسهم فلا أرى بأسا ، وإن كانوا يخافون أن يلقوا ما لا قوة لهم به أن يطلبوا فيدركوا فلا أحب ذلك لهم . قال ابن رشد  إنما جاز لهم أن يخرجوا سراياهم لغرة تبينت لهم بغير إذن الإمام لكونه غائبا عنهم على مسيرة أيام ، ولو كان حاضرا معهم لم يجز لهم أن يخرجوها بغير إذنه إذا كان عدلا ، انتهى . 
وجميع هذه الأسمعة في كتاب الجهاد ، ونقلها ابن عرفة  إثر الكلام المتقدم . قال في التوضيح ابن المواز    : ولا يجوز خروج جيش إلا بإذن الإمام . وسئل  مالك  لمن يجد فرصة من عدو قريب أن ينهضوا إليهم بغير إذن الإمام ،  ولم يجز ذلك لسرية تخرج من العسكر عبد الملك  ، وترد السرية وتحرمهم ما غنموا  سحنون  ، إلا أن تكون جماعة لا يخاف عليهم فلا يحرمهم يريد وقد أخطئوا ، انتهى . 
ذكره عند قول  ابن الحاجب  ويجب مع ولاة الجور ، وقال في الشامل في أول الجهاد : ولا يجوز خروج جيش دون إذن الإمام وتوليته  [ ص: 350 ] عليهم من يحفظهم ، إلا أن يجدوا فرصة من عدو وخافوا فواته لبعد الإمام ، أو خوف منعه ، وحرم على سرية بغير إذنه ، ويمنعهم الغنيمة أدبا لهم إلا أن يكونوا جماعة لا يخشون عدوا فلا يمنعهم الغنيمة ، انتهى . 
وقال الشيخ أحمد زروق  في بعض وصاياه لإخوانه التوجه للجهاد بغير إذن جماعة المسلمين وسلطانهم فإنه سلم الفتنة وقلما اشتغل به أحد فأنجح ، انتهى . 
				
						
						
