ص ( ودون درهم من دم مطلقا ) . ش يعني أنه ، أو غير ذلك . وقال يعفى عما كان دون الدرهم من الدم مطلقا سواء كان دم حيض ، أو ميتة ، أو خنزير ابن حبيب لا يعفى عن يسير الحيض لمروره على محل البول ورواه ابن أشرس عن . وقال مالك لا يعفى عن ذلك ، ولا عن يسير دم الميتة ، وخرج ابن وهب سند عدم العفو عن دم الخنزير .
( فرع ) وسواء كان الدم من جسد الإنسان ، أو وصل إليه من خارج . قال في التوضيح على ظاهر المذهب ورأى بعض الشيوخ أن العفو خاص بما كان من جسد الإنسان وما وصل إليه من خارج فكالبول . وفي اللخمي يختلف في الدم اليسير يكون في ثوب الغير ثم يلبسه الإنسان لإمكان الانفكاك . قال سند ما أراه قاله إلا من رأيه وفيه نظر ففي كتاب الصلاة من الجواهر أن في العفو عما أصابه من بدن غيره قولين انتهى كلام التوضيح .
وفي النظر نظر ; لأن ما في الجواهر إنما هو فيما يخرج من البثرات والجرح كما تقدم ، وذلك يعفى عن القليل منه والكثير ونقل الخلاف فيه غيره والكلام إنما هو في اليسير وتبع ابن ناجي المصنف فيما نقله عن ابن شاس ، فقال : وقيل : إن أصابه من غيره غسله . حكاه المازري - رحمه الله تعالى - في دم الحيض وحكاه في سائر الدماء انتهى . ابن شاس
وما قاله سند ظاهر فإنه قال : ظاهر المذهب أنه لا فرق في ذلك بين الحائض وغيرها . قال التونسي وهذا كما أنه إذا عفي عن يسير الدم الخارج من بدن المرء في ثوبه فكذلك إذا أصابه من غيره . ثم ذكر كلام اللخمي ، وقال ما أراه إلا نظرا منه لا نقلا . واعترض ابن ناجي وابن فرحون ما في التوضيح بأنه يحتمل أن يكون ابن شاس اعتمد كلام اللخمي لتقدمه عليه ثم ذكر ابن ناجي لفظ اللخمي ، وقال هذا كالنص في أنه من رأيه كما قال سند انتهى .
وهو ظاهر كلام المازري فإنه قال في شرح التلقين قال بعض شيوخنا وقد تقدم أن كلام ابن شاس غير كلام اللخمي ونقل ابن عرفة قول ابن رشد مثل ما تقدم عن التونسي ثم نقل عن المازري أن بعض المتأخرين أشار إلى إنه متفق عليه وأنكر غيره عليه ذلك في دم الحيض لندور سيله وذكر ابن عرفة وابن ناجي عن ابن العطار عن أنه يعفى عن أبي بكر بن عبد الرحمن انتهى . يسير الدم في البدن لا الثوب
وهو خلاف المعروف في المذهب وظاهر كلام المصنف - رحمه الله تعالى - أنه يعفى عن ذلك مطلقا في الصلاة وغيرها ، ولا يؤمر بغسله . وقد اختلف في اليسير المذكور هل يغتفر مطلقا على جميع الوجوه حتى يصير كالمائع الطاهر ، أو اغتفاره مقصور على الصلاة فلا يقطع لأجله إذا ذكره فيها ، ولا يعيد . وأما قبل الصلاة فيؤمر بغسله على جهة الندب قاله في التوضيح والأول مذهب العراقيين . قال ابن عبد السلام وهو الأظهر كغيره من النجاسات المعفو عنها والثاني عزاه ابن عبد السلام والمصنف للمدونة وعزاه صاحب الطراز وابن عرفة ناقلا عن المازري لابن حبيب ، وكذلك ابن ناجي قال صاحب الطراز وهو خلاف ظاهر المذهب .
ونقل ابن فرحون عن ابن حبيب مثل مذهب العراقيين فلعل له قولين وكان المصنف اعتمد ترجيح صاحب الطراز وابن عبد السلام لمذهب العراقيين ، أو يكون مراده نفي الوجوب .
( تنبيه ) يؤخذ من كلام ابن عبد السلام أن الدم اليسير وجميع أنها لا تنجسه والله - تعالى - أعلم . النجاسات المعفو عنها إذا أصابت طعاما
وقد تقدم عن البرزلي وغيره ما يخالف ذلك والله - تعالى - أعلم .
( تفريع على مذهب المدونة ) قال فيها إذا رآه في الصلاة تمادى ولم ينزعه ، وإن نزعه فلا [ ص: 147 ] بأس . قال سند يحتمل قوله لا بأس الاستحباب وعدمه انتهى .
والظاهر على مذهبها الاستحباب إذا لم يكن في ذلك كبير عمل . وقال ابن ناجي : ظاهر الكتاب أن له النزع ، وإن كان قميصا وبه قال القابسي ورآه من العمل الذي هو من إصلاح الصلاة لا يفسدها كثيره . وقال عياض معناه مما ليس في نزعه مشقة ، ولا شغل في الصلاة كالقلنسوة والرداء والعمامة والإزار وشبهه مراعاة لخفة العمل وقربه . وقيد ابن يونس - رحمه الله تعالى - الأول بقوله يريد إذا كان عليه ما يستره وإلا لزمه إتمام الصلاة به انتهى .
وهو يؤيد استحباب النزع وكان ابن يونس قبل كلام القابسي . وأما سند فقال : إذا كان في نزعه عمل كثير فلا ينزعه ; لأن نزعه ليس بواجب وترك العمل الكثير في الصلاة من غير جنسها واجب وفعل ذلك يفسد الصلاة انتهى .
( تنبيهات الأول ) قال في التوضيح : والمراد بالدرهم الدرهم البغلي أشار إليه في العتبية ونص عليه مالك ابن راشد ومجهول الجلاب أي الدائرة التي تكون بباطن الذراع من البغل انتهى .
وقال ابن فرحون بعد أن ذكر كلام التوضيح ، وفي التلمساني شارح الجلاب مثل ذلك ثم قال : وهذه النقول فيها نظر والدرهم البغلي الذي أشار إليه في العتبية المراد به سكة قديمة مالك تسمى رأس البغل ذكره لمالك النووي - رحمه الله - في تحرير التنبيه ويدل لذلك قول : الدراهم تختلف ، بعضها أكبر من بعض فهذا يدل على أنه أراد الدراهم المسكوكة ، وقد أوقفت بعض الفضلاء ممن أدركناه على كلام مالك النووي وكان قد شرع في شرح التهذيب وذكر في ذلك نحو ما ذكر ابن راشد فرجع وأصلح كتابه .
( قلت : ) والظاهر أن ذلك متقارب ، وقد نقل ابن فرحون عن ابن يونس عن ابن عبد الحكم أن قدر الدرهم قدر فم الجرح والله - تعالى - أعلم .
وقيل : إن اليسير قدر الخنصر . قال في التوضيح عن صاحب الإرشاد : إن المراد - والله تعالى أعلم - مساحة رأسه لا طوله فإن طوله أكثر من الدرهم . وقال في مجهول الجلاب يعنون به الأنملة العليا . وقال المراد إذا كان منطويا انتهى . ابن هارون
وفي سماع أشهب لأجيبكم بتحديده ، هو ضلال الدراهم تختلف فأشار إلى أنه يرجع فيه للعرف وعليه اقتصر في العارضة . وقال الجزولي وهو المشهور ولم يعتمد المتأخرون تشهيره . وقال ابن ناجي - رحمه الله تعالى - ونقل عن ابن المنذر تعاد مالك وكثيره نصف الثوب فأكثر قال وكل من لقيته يقول هو قول غريب بعيد ، وفي أول الإكمال ونقل المخالف عن مذهبنا في ذلك قولا منكرا عندنا انتهى . الصلاة من كثير الدم
فلعله القول المتقدم . الثاني جعل المصنف هنا الدرهم من حيز الكثير وهو أحد القولين ورواه ابن حبيب في الواضحة وجعله في الرعاف من حيز اليسير وهو القول الثاني ورواية ابن زيد في المجموعة وقاله ابن عبد الحكم واقتصر عليه في الإرشاد فجمع المصنف بين القولين وهذه طريقة ابن سابق أن ما دون الدرهم يسير وما فوقه كثير ، وفي الدرهم روايتان . وطريقة ابن بشير أن الدرهم كثير اتفاقا وقدر الخنصر يسير وفيما بينهما قولان قال في التوضيح وطريقة ابن بشير غير صحيحة لثبوت الخلاف في الدرهم ، وقد اعترضه ابن عرفة أيضا والاعتراض يأتي على ما نقله عن ، وكلامه في التنبيه خلاف ذلك قال : فأما ما فوق الدرهم فكثير بلا خلاف . ابن الحاجب
وأما الخنصر فيسير وما بين الدرهم والخنصر فيه قولان فتأمله والله - تعالى - أعلم .
( الثالث ) قال صاحب الجمع قال القاضي أبو الوليد : والمراد بذلك عين الدم دون أثره وأن ما فوق الدرهم من أثر يسير انتهى . فتأمله .
ص ( وقيح وصديد )
ش : تقدم تفسيرهما وما [ ص: 148 ] ذكره المصنف هو مذهب المدونة على ما قاله سند ونقله عن التونسي ، وعن في المبسوط عدم العفو عن يسيرها وصرح مالك بأن المشهور أنهما كالدم ذكره في أول الكلام على الدم ونقله عنه ابن هارون ابن فرحون .