ص ( وموضع حجامة مسح )
ش : أي ولا يعفى عنه قبل المسح فإذا برئ الماسح غسل وحكم الفصادة كذلك قاله في المدونة .
ص ( وإلا أعاد في الوقت وأول بالنسيان ) . ش هو اختيار ابن أبي زيد وابن يونس وتأولا المدونة عليه وهو الظاهر الجاري على القواعد ومقابله تأويل أبي عمران وإليه أشار بقوله وبالإطلاق .
ص ( وكطين مطر ، وإن اختلطت العذرة بالمصيب )
ش : قال في المدونة ، ولا بأس بطين ، وإن كان فيه العذرة وسائر النجاسات وما زالت الطرق وهذا فيها وكانت الصحابة يخوضون في طين المطر ويصلون ولا يغسلونه قال المطر المستنقع في السكك والطرق يصيب الثوب ، أو الخف أو النعل ، أو الجسد عياض والمستنقع بكسر القاف قال سند وظاهره أنه لا فرق بين أول مطرة وغيرها ، ولا بين ما أصاب حين نزول المطر ، أو بعد انقطاعه فإنه تكلم في المستنقع ، وإن كان فيه سائر النجاسات في الجملة ورأى أن ذلك مما لا يمكن الاحتراز منه وأتى بالكاف ليدخل في ذلك ماء الرش الذي في الطرقات كما حكاه المصنف عن شيخه الشيخ عبد الله المنوفي ، وقال ابن فرحون ونحو المستنقع من فضلات النيل في الطرقات .
ص ( إلا إن غلبت ) . ش أي لا إن كانت النجاسة غالبة على الطين وهذا معنى ما قيد به الشيخ كلام المدونة ، فقال يريد ما لم تكن النجاسة غالبة ، أو عينا قائمة وقبله غير واحد ابن أبي زيد كالباجي وابن رشد وقيد به المدونة وقال سند قوله في المدونة ، وإن كان فيها النجاسات يريد ، وإن كان يعلم أنها لا تنفك عن النجاسات ولم يرد أن النجاسة عين قائمة فيصيبه من ذلك أو كان طين مرحاض في موضع وقد اختلطت بطين المطر وهذا يجب غسله ، ولا ضرورة في غسل مثل هذا بخلاف غسل ما يكون من الطين انتهى .
وهذا أولى مما [ ص: 151 ] حمل عليه كلام ابن هارون وذكره عنه في التوضيح فإنه قال : قال ابن أبي زيد هذه المسألة على أربعة أوجه أحدها أن يتساوى الاحتمالان في وجود النجاسة وعدمها فهذا يصلي به على ما قاله في المدونة لترجيح الطهارة بالأصل . الثاني أن يترجح احتمال وجودها فهذا يصلي به على ما قاله في المدونة ترجيحا للأصل ويغسله على رأي ابن هارون أبي محمد ترجيحا للغالب . والثالث أن يتحقق وجودها ولكن لا يظهر لاختلاطها بالطين فظاهر المدونة أيضا أنه يصلي به ويغسله على رأي أبي محمد وهو أحسن لتحقق النجاسة ، ونحوه للباجي . الرابع أن يكون لها عين قائمة فهنا يجب غسلها انتهى .
فقول : وإن كان فيها العذرة يحمل على الصورتين الأولتين ، وقوله ، وفي عين النجاسة قولان يحمل على الثالثة . وأما الرابعة فلا يعلم فيها خلاف ويبعد وجوده ، وكذا كان شيخنا يقول . انتهى كلامه في التوضيح . ابن الحاجب
( قلت : ) فحمل قول أبي محمد : " غالبة " على معنى أن الغالب وجودها والذي يظهر من كلام المدونة أن فرض المسألة أن وجود النجاسة محقق فالظاهر أن يحمل قول الشيخ أبي محمد ما لم تكن غالبة أي ما لم تكن النجاسة غالبة على الطين ، أو تكون عينا كما تقدم وأشار بقوله وظاهرها العفو إلى ما نقله أبو الحسن عن ابن بشير أن بعض الشيوخ أبقى المدونة على ظاهرها لكن ذكر بالتوضيح عن ابن بشير أنه يحتمل بقاؤها على ظاهرها إذا تساوت الطرق في وجود ذلك فيها وكان لا يمكن الانفكاك عنه ثم ذكر عن ابن عبد السلام أنه لا ينبغي أن يكون خلافا انتهى .
وأشار بقوله : ولا إن أصاب عينها إلى أنه لا يعفى عمن أصابته عين النجاسة قال الباجي : ولو لوجب غسلها ، والله - تعالى - أعلم . كان في الطين نجاسة فطارت على ثوبه ثم تطاير عليها الطين فأخفى أثرها
( تنبيه ) قال البساطي العفو مشروط بأن يكون ذلك في الطرق التي لا مندوحة عنها حتى قالوا لو كانت إحدى الطريقين أخف نجاسة من الأخرى لا يعفى عما أصابه من الأكثر نجاسة انتهى .
وهذا إنما قالوه فيما إذا كانت النجاسة غالبة ، أو عينا قائمة كما تقدم ولم أر من اشترطه مطلقا ، وقال أيضا قال بعضهم : هذا الحكم فيما إذا صادف المطر النجاسة ، وإن طرأت عليه النجاسة بعد نزوله فإنه كغيره ، ولا يظهر لهذا كبير معنى انتهى .
وما قاله ظاهر والله - تعالى - أعلم .
( فرع ) قال ابن ناجي - رحمه الله تعالى : خص المغربي قوله : " يخوضون في طين المطر ويصلون ، ولا يغسلونه " بالمسجد المحصب كمسجدهم . وأما غير المحصب المفروش بالحصر فلا ; لأنه يلوث الحصر وبه الفتوى عندنا بأفريقية .
( فرع ) قال ابن عرفة : قال ابن جماعة وهو من شيوخه : لا نص في طين المطر يبقى في الثوب للصيف ونحوه وليس كثوب صاحب السلس بعد برئه ; لأن البول أشد قال ابن عرفة لعله لم يقف على قول ابن العطار إنما يعفى عن ماء المطر في الطرق ثلاثة أيام من نزوله ورآه خلاف ظاهر المذهب انتهى .
وقال ابن عبد السلام - رحمه الله تعالى - : وانظر إذا جف هل يغسل ما أصاب الثوب أم لا انتهى .
قال صاحب الجمع الذي كان يفتي به بعض الأشياخ غسل الثوب إذا ارتفع المطر ونقله عنه ابن فرحون وذكر ناجي عن بعضهم أنه خرج غسل الثياب منه بعد زوال العذر على القولين في وجوب غسل موضع المحاجم بعد البرء انتهى .
( قلت : ) لا شك أن ما قاله ابن العطار خلاف ظاهر المذهب وأنه إذا كان الغالب على الظن طهارة الطين لا يجب غسله ، وكذا مع الشك ، وكذلك إن كانت إصابته بعد تكرر المطر على الأرض التي كانت بها النجاسة حتى غلب على الظن زوالها وأن محل الخلاف إنما هو حيث يغلب على الظن وجود النجاسة فيه ويمضي زمن وقوع المطر وتكرره ويجف الطين والظاهر حينئذ وجوب الغسل هذا حكم طين المطر .