ص ( ورجل بلت يمران بنجس يبس يطهران بما بعده )
ش : تقدم الكلام على ذيل المرأة . وأما مسألة الرجل فمعناها أن الإنسان إذ بل رجله ثم مر بها على نجس يابس ثم مر بها على موضع طاهر فإنها تطهر بالمرور الثاني أي يعفى عما تعلق بها ولذا أدخلها في المعفوات . وأصل المسألة في سماع أشهب من كتاب الوضوء . قال سئل عن مالك قال لا بأس بذلك قد وسع الله تعالى على هذه الأمة ثم تلا { الرجل يتوضأ ثم يطأ الموضع القذر الجاف ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به } . قال ابن رشد معناه أنه موضع قذر لا يوقن بنجاسته فحمله على الطهارة ; لأن الاحتراز من مثل هذا يضر فهو من الحرج الذي رفعه الله ، ولو أيقن بنجاسته لوجب أن يغسل رجليه ; لأن النجاسة تعلق بهما ، وإن كان يابسا من أجل بللهما انتهى .
وحمل غير ابن رشد الرواية على أن الموضع نجس ثم اختلفوا ، فقال معناه إذا مشى بعد ذلك على أرض طاهرة كمسألة الذيل . وقال ابن اللباد اللخمي بعد ذكره الرواية قال ذلك إذا مشى بعد ذلك على أرض طاهرة لما روي أن الدرع يطهره ما بعده وليس هذا الذي أراد ابن اللباد وإنما أراد أن الرجل إذا رفعها بالخضرة لم ينماع من تلك النجاسة إلا شيء لا قدر له انتهى . مالك
وفي كلام سند ميل لكلام فإنه قال بعد ذكره كلام ابن اللباد ابن اللباد واللخمي وكأنه يعني رأى أن رجليه لما كانتا لا تسلم أن يعلق بهما أجزاء نجسة فلا بد من مسحهما فإذا مشى على أرض طاهرة امتسحت بذلك وإنما الرخصة أن يجتزئ بمسح الأرض عن غسل الماء كما جاء الحديث فإن التراب له طهور انتهى . ابن اللباد
وذكر عن بعضهم أنه علل ذلك بأن الماء يدفع عن نفسه فلا ينجسه إلا ما غيره ، ولا يتحلل من النجاسة ما يغير أجزاء الماء الباقي في رجليه فلما اجتمع هؤلاء الشيوخ كلهم على حمل الرواية على أن المراد بالقذر النجس وإنما اختلفوا في توجيه ذلك تبعهم المازري المصنف واقتصر على تأويل لاقتصار ابن اللباد ابن يونس وجماعة عليه ولأنه أحوط ; لأنه مستلزم لتأويل غيره ما عدا ابن رشد إذ فيه زيادة اشتراط أن يمشي بها على أرض طاهرة بعد ذلك فتأمله إلا أن في قياسه على مسألة الذيل نظرا ; لأن الرجل مبلولة والذيل يابس كما تقدم ولم يظهر في توجيه ذلك إلا أنها رخصة وتخفيف كما قاله في الرواية والله أعلم . قوله يبس يصح أن يكون فعلا ماضيا وأن يكون صفة مشبهة فينون .