وخليل فعيل من الخلة وهي صفاء المودة ثم نقل للعلمية وإسحاق اسم عجمي غير منصرف والمالكي نسبة إلى مذهب والمصنف رحمه الله مالك خليل بن إسحاق بن موسى كذا رأيته بخطه في آخر نسخة من مناسكه وذكر بعضهم أنه رأى بخطه بعد موسى بن شعيب وذكر ابن غازي موضع موسى يعقوب ويوجد كذلك في بعض النسخ وهو مخالف لما رأيته بخطه ويكنى بأبي المودة وأبي الضياء وذكر شيخ شيوخنا الحافظ ابن حجر في الدرر الكامنة أنه يسمى محمدا ويلقب بضياء الدين ويعرف بالجندي قال ابن فرحون : كان من جملة أجناد الحلقة المنصورة ويلبس زي الجند المتقشفين وكان عالما ربانيا صدرا في علماء القاهرة مجمعا على فضله وديانته ثاقب الذهن أصيل البحث مشاركا في فنون من العربية والحديث والفرائض فاضلا في مذهب صحيح النقل تخرج من بين يديه جماعة من الفقهاء والفضلاء انتهى . وكان والده حنفيا لكنه كان يلازم الشيخ مالك أبا عبد الله بن الحاج صاحب المدخل والشيخ عبد الله المنوفي فشغل ولده مالكيا وللمصنف رحمه الله كتاب جمع فيه ترجمة الشيخ عبد الله المنوفي . قال فيه : وكان الوالد يعني والده من الأولياء الأخيار وذكر عنه مكاشفات وتخرج المصنف بالشيخ عبد الله المنوفي وأخذ الأصول والعربية عن البرهان الرشيدي وسمع على عبد الرحمن بن الهادي وقرأ بنفسه على البهاء عبد الله بن خليل المالكي المكنى أبا داود الترمذي وحج وجاور بمكة وشرع في الاشتغال بعد شيخه ودرس بالشيخونية وأقبل على نشر العلم فنفع الله به المسلمين وذلك ببركة شيخه ، فإنه ذكر في الترجمة المذكورة أنه رأى شيخه في المنام واقفا عند قبره وأذن له في الاشتغال وأمره به قال : وقد رأى بعض أصحاب سيدي الشيخ رؤيا تشير إلى ذلك ورأى أنه حصلت له مكاشفة عن بعض الصالحين في حياة الشيخ بأنه هو الذي يشغل طلبة الشيخ بعده قال : فقويت نفسي فجلست ووالله لا أعرف الرسالة ففتح الله علي ببركته وهان علي الفقه ، وغيره ولم تغب علي مسألة أصلا وما ذكره من أنه لا يعرف الرسالة لعله يريد المعرفة التامة وإلا فقد ذكر في الترجمة المذكورة أنه ختم ابن الحاجب قراءة على الشيخ عبد الله المنوفي . ويشهد لذلك أيضا ما نقله في التوضيح عنه في حل مواضع كثيرة . وذكر أيضا في الترجمة عن نفسه أنه كان في حال صغره قرأ سيرة البطال ثم شرع في غيرها من الحكايات ولم يطلع عليه أحد من الطلبة فقال له الشيخ عبد الله : يا خليل قال : فعلمت أن الشيخ علم بحالي وانتهيت من ذلك في الحين ، وذكر من أعظم الآفات السهر في الخرافات ابن غازي أنه حكى عن المصنف أنه أقام بمصر عشرين سنة لم ير النيل وأنه جاء لمنزل بعض شيوخه فوجد الكنيف مفتوحا ولم يجد الشيخ فقيل له : إنه شوشه هذا الكنيف فذهب ليأتي بمن ينقيه ، فقال الشيخ : أنا أولى بتنقيته ، فشمر ونزل وجاء الشيخ فوجده على تلك الحال والناس قد حلقوا عليه [ ص: 14 ] تعجبا من فعله . فقال : من هذا قالوا : خليل فاستعظم ذلك ودعا له عن قريحة صادقة فنال بركة ذلك ووضع الله البركة في عمره . وذكر خليل ابن غازي أيضا أنه كان من أهل المكاشفات وأنه مر بطباخ يبيع لحم الميتة فكاشفه وزجره فتاب على يديه وأن بعض شيوخ شيوخه رأى المصنف يلبس الثياب القصار قال : وأظنه أنه قال : ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر . ( قلت ) وقد ذكر المصنف في ترجمة شيخه أنه مر بشواء فاشترى منه خروفا كما خرج وحمله على حمال وخرج به إلى الكيمان وطرحه للكلاب فتعجب من ذلك فظهر أنه ميتة فلعل هذه الحكاية التي أشار إليها ابن غازي ويمكن أن تكون غيرها . ( وألف رحمه الله ) شرح المسمى بالتوضيح ووضع الله عليه القبول واعتمده الناس وهو أكثر شروحه فروعا وفوائد ( وألف منسكا لطيفا متوسطا اعتمده الناس ) وعندنا نسخة أكثرها بخطه ( وجمع الترجمة المذكورة لشيخه ) قال ابن الحاجب ابن حجر : وهي تدل على معرفته بالأصول قال بعضهم : وشرح ألفية ابن مالك ولم أقف عليه وألف هذا المختصر الذي لم يسبق إليه وأقبل الناس جميعهم عليه قال شيخ شيوخنا القاضي تقي الدين الفاسي مؤرخ مكة وشرح على بعضه ( ومناقبه ) رحمه الله كثيرة ( ومات رحمه الله ) في ثالث عشر ربيع الأول سنة سبع وستين وسبعمائة كذا ذكر القاضي تقي الدين وابن حجر وذكر ابن غازي أنها في سنة ست وسبعين وهما أعلم من ابن غازي بذلك وأما تاريخ الوفاة الذي ذكره ابن فرحون في ترجمة الشيخ فإنما هو تاريخ وفاة الشيخ خليل عبد الله المنوفي ; لأنه ذكر أنه مات سنة تسع وأربعين وتسعمائة بالطاعون وكذلك ذكر الشيخ في تاريخ وفاة شيخه في الترجمة المذكورة وقال : في سابع رمضان . ووهم في ذلك بعض الناس فظن أنها للشيخ خليل واعترض على خليل ابن حجر بما ذكره ابن فرحون وقال : إنه مالكي ، وأنه اجتمع به فهو أعرف بوفاته والصواب ما ذكره ابن حجر وذكر والفاسي ابن الفرات أن بعض الطلبة رأى المصنف في المنام بعد وفاته وأخبره أنه غفر الله له ولمن صلى عليه .