( الرابع ) : المدر الذي يأكله الناس  ذكر المصنف  في الأطعمة في كراهة أكله ، ومنعه قولين ، وذكرهما ابن رشد  في رسم البز من سماع ابن القاسم  من كتاب السلطان ، وعزا القول بالكراهة لمحمد   ، والقول بالتحريم لابن الماجشون  ، وذكر صاحب المدخل أن المشهور التحريم ، واقتصر ابن عرفة  على نقل قول ابن الماجشون  ، وأما بيعه فقال ابن عرفة    : في كراهة بيعه وحرمته ثالثها الوقف لسماع ابن القاسم  ما يعجبني بيعه وأرى منع بيعه ، وقال  سحنون    : لا يصح بيعه ، ولا ملكه ، ونقل عن محمد بن رشد  إن كان فيه نفع غير الأكل جاز بيعه ممن يؤمن أن يبيعه ممن يأكله انتهى . وهذه المسألة في الرسم المذكور وظاهره المنع لا الكراهة ، وسئل عن المدر الذي يأكله الناس فقال : ما يعجبني ذلك أن يباع ما يضر بالناس فإنه ينبغي أن ينهى الناس عما يضرهم في دينهم ودنياهم ثم قال : يقول الله تعالى { يسألونك ماذا أحل لهم قل أحل لكم الطيبات    } أفي الطين من  [ ص: 266 ] الطيبات إني لأرى لصاحب السوق منعهم من بيعه ابن رشد  هذا كما قال : إذا كانوا يأكلونه ، وهو مضر بهم فلا ينبغي أن يباع ، ويجب على الإمام أن ينهى عن ذلك ، وهذا إذا لم يكن له ، وجه إلا الأكل ، وهو مضر بكل حال فهو كالسم الذي أجمع العلماء على تحريم بيعه وقال  سحنون  في كتاب الشرح : لا يحل بيعه ، ولا ملكه ، وأما إذا كانت منفعته لغير الأكل فلا معنى أن يمنع من بيعه جملة ، وإنما ينبغي أن يباع ممن يصرفه في غير الأكل ويؤمر أن يبيعه ممن يأكله وقد كان ابن المواز  كره أكله فأما بيعه فلا أدري قد يشترى لغير ، وجه ، وقال ابن الماجشون    : أكله حرام انتهى . 
فإن كان ابن عرفة  اعتمد فيما نقل عن سحنون  على ما تقدم في كلام ابن رشد  أعني قوله قال  سحنون  في كتاب الشرح : لا يحل بيعه ، ولا تملكه إلى آخر كلامه بعد قوله كالسم الذي أجمع العلماء على تحريم بيعه فالظاهر أنه إنما هو عائد على السم ، ويبين ذلك كلام سحنون  المتقدم في الفرع الثاني من هذه القولة وكذلك ما نقل عن محمد   من الوقف الظاهر أنه من كلام ابن رشد  فتأمله ، والله أعلم . فالمدر فيه منفعة محرمة وهي الأكل على المشهور وفيه منافع أخر مباحة فإن قصدت المنفعة المحرمة منع البيع ، وإن قصدت غيرها جاز والله أعلم ، وقال في المتيطية : ويكره بيع الطين للأكل  ، ولا بأس ببيعه لغير ذلك ، وقال ابن الماجشون    : أكله حرام انتهى . 
				
						
						
