ص ( وفرق بين مدلس وغيره ) 
ش : ذكر - رحمه الله - من المسائل التي يفترق فيها الحكم بين المدلس وغيره  ست مسائل . 
( قلت    : ) ويفترق المدلس من غيره في المسألتين أيضا الأولى : أن المدلس يؤدب ، وغيره لا أدب عليه . 
قال في رسم القبلة من سماع ابن القاسم  من كتاب العيوب : قال  مالك    : من باع عبدا ، أو ولده وبه عيب غر به ، أو دلسه  أنه يعاقب البائع ويرد عليه . 
قال ابن رشد    : هذا كما قال ، وهو مما لا اختلاف فيه أن الواجب على من غش أخاه أو غره أو دلس له بعيب أن يؤدب على ذلك مع الحكم عليه بالرد ; لأنهما حقان مختلفان أحدهما لله ليتناهى الناس عن حرمات الله والآخر للمدلس عليه بالعيب فلا يتداخلان . 
الثانية : قال في اللباب : من الأحكام التي يفترق فيها المدلس من غيره حكم ما يأخذه الماكس مثل أن يشتري حمارا فيؤدي عليه مكسا ، ثم يحدث به عيب فيريد الرجوع به على البائع ، ولم يحضرني الآن في المسألة نقل ، والذي يوجبه النظر أن البائع إن كان مدلسا فيرجع به عليه وإلا فلا ، وقد أشار ابن يونس  إلى الخلاف في المبتاع يؤدي مكسا على المبيع ، ثم يؤخذ بالشفعة هل يلزم المبتاع دفع ذلك أم لا ؟ وأجرى ذلك بعضهم على مسألة من اشترى شيئا من يد لص هل يأخذه ربه بلا ثمن ، أو حتى يدفع للمشتري ما دفع ؟ يمكن أن يقال : إنه ظلم ، فيكون مما أخذه منه انتهى . 
وقوله في مسألة الشفعة : هل يلزم المبتاع صوابه : هل يلزم الشفيع ؟ وقد قال المصنف  في باب الشفعة ، وفي المكس تردد ، وقال في باب الجهاد في مسألة المشتري من لص والأحسن في المفدى من لص أخذه بالفداء ، وقال ابن عرفة  إثر كلامه السابق في مسألة تعليم العبد الصنعة قال  المازري  قال بعض الأشياخ : غرم قبالة السلطان على شراء ما يشتري يوجب رجوع المشتري بالأرش ، وخرجه بعضهم على غرم أجر الصنعة انتهى . 
فهذا يقتضي أن الغرم للسلطان يفيت الرد بالعيب ويتعين معه الرجوع بالأرش ، والذي يظهر من كلام ابن رشد  أنه إذا رد بالعيب يرجع بما غرمه للسلطان إذا كان مدلسا ، ولأنه يرجع بما إذا لم يكن مدلسا فتأمله . 
( تنبيه : ) قال في المقدمات البائع محمول على عدم التدليس حتى يثبت ذلك عليه ، أو يقر به على نفسه انتهى . 
وقاله في المدونة ، وإن ادعى يعني المشتري أن البائع دلس له فأنكره حلفه ، ولو قال البائع : علمت العيب ونسيته حين البيع حلف له أنه نسيه انتهى . 
وقال في المقدمات : فإن أنكر أن يكون علم ، أو ادعى أنه نسي حلف على ذلك ، فإن حلف خير المبتاع عند ابن القاسم  ، وحكى  ابن المواز  عن  مالك  أنه لا يحلف إلا بعد أن يخير المبتاع فيختار الرد ; إذ لا معنى ليمينه إذا اختار الإمساك والرجوع بقيمة العيب انتهى . 
وحكى القولين في المنتقى ، وقال : إن قول ابن القاسم  أحرى على أصل ابن المواز  الآتي في إسقاط حكم التخيير مع التدليس ، وقول ابن المواز  أحرى على قول ابن القاسم  في إثبات التخيير . 
				
						
						
