( تنبيهات الأول : ) قال في المدونة : فإن ردت الثمرة مع النخل كان لك أجر سقيك وعلاجك . 
قال في المقدمات فيما إذا اشترى النخل بالثمرة المؤبرة ، ثم وجد العيب قبل طيبها  فإنه يردها بثمرتها عند الجميع ، ويرجع بالسقي والعلاج عند ابن القاسم  ، وأما إن لم يطلع على العيب إلا بعد طيب الثمرة فإنه يردها على مذهب ابن القاسم  ويرجع بالسقي والعلاج ، وقال  أشهب    : إذا جذت الثمرة فهي غلة ( الثاني ) : فهم من قول المصنف  ثمرة أبرت أنها لو كانت الثمرة يوم الشراء قد طابت أنه يردها إذا رد الأصول من باب أحرى ، وفهم منه أيضا لو كانت الثمرة يوم الشراء لم تؤبر لم ترد وتكون غلة للمشتري ، وهو كذلك إن كان قد  [ ص: 464 ] جذها سواء كانت الثمرة موجودة يوم الشراء ولكنها لم تؤبر ، أو لم تكن موجودة يوم الشراء ، ولكنها حدثت عند المشتري ، فإن كان المشتري لم يجذ الثمرة فلا يخلو إما أن يكون اطلع على ذلك قبل طيب الثمرة ، أو بعد طيبها ، فإن اطلع على ذلك قبل طيبها فإنه يردها مع أصولها سواء أبرت ، أو لم تؤبر ويرجع بالسقي والعلاج عند ابن القاسم   وأشهب  ، وأما إن كانت قد طابت أي أزهت فهي للمشتري سواء يبست ، أو لم تيبس ، أو لم تجذ ( الثالث ) : لو وجد الثمرة قبل طيبها وقبل أن تؤبر  قال في المقدمات : فلا أذكر لأصحابنا فيها نصا ، والذي يوجبه النظر عندي على أصولهم أن ذلك فوت ; لأن جذ الثمرة في هذا الحال يعيب الأصل وينقص قيمته ، فيكون مخيرا بين أن يرده وما نقص ، أو يمسكه ويرجع بقيمة العيب قال : وكذلك إذا جذها بعد الإبار ، وقبل الطيب فالحكم فيها على ما تقدم ( الرابع ) . 
قال في التوضيح : وقع لابن القاسم  أنها لو هلكت الثمرة المأبورة عند المشتري بأمر من الله  لم يضمنها المشتري فعارض هذا بعضهم بما قاله من أنه يرد الثمرة ; لأن قوله : يردها يدل على أن لها حصة من الثمن قوله : إنه لا يضمنها يدل على أنها غير مشتراة ، واعتذر عن ذلك بأنه إنما لم يضمنها لكونها غير مقبوضة للمشتري ، ولهذا منع بالطعام ; لأن النخل المؤبر طعام لكون الثمرة يتأخر قبضها ، وقال بعض المتأخرين : إنه يضمن الثمرة إذا اشتراها بعد الزهو ، وإن كانت بأمر من الله تعالى قاله المازري  انتهى . 
( قلت    ) وقع لابن القاسم  ما قد يتبادر منه أن ذلك قول ضعيف ، وليس كذلك بل هو المذهب كما نص عليه في المدونة ، ونقل ابن عرفة  المعارضة المذكورة عن ابن محرز  عن بعض المذاكرين ، والتفرقة لبعضهم ، ثم ذكر عن ابن محرز  أنه رد ذلك بأن ابن القاسم  نص على أنه لو جذ الثمرة لكان ضامنا ، فلو لم يكن لها حصة من الثمن ما اختلف حكمها قبل جذها ، وبعده قال أيضا : لو جذها المشتري بعد طيبها ، ثم جاء شفيع حط عنه من الثمن ما ينوبها ، ثم قال ابن عرفة  يريد رده بأنها قبل الجذ تابعة ، فلم يكن لها حصة من الثمن ، وهذه مستقلة ، فإن هلكت ضمنها كمال العبد يهلك قبل انتزاعه ، أو بعده ، وإليه أشار فيها ، ثم ذكر نص المدونة انتهى . 
( قلت    : ) وكلام المدونة بين صحيح في المعارضة ، ونصها : وإن كانت الثمرة يوم الشراء مأبورة فاشتراها ، فإن رددت النخلة بعيب رددت معها الثمرة ، وإلا فلا شيء لك ، فإن رددت معها كان لك أجر سقيك وعلاجك فيها ، ولما لم تكن واجبة إلا بالاشتراط صح أن لها من الثمن حصة ، ولم ألزمها لك بحصتها من الثمن كسلعة ثانية فيصير بيع ثمرة لم يبد صلاحها ، وهو كمال العبد إن انتزعه رددته معه حين ترده بعيب ، وإن هلك المال قبل انتزاعك لم يلزمك له نقص من ثمنه إن رددته بعيبك ، وكذلك ما يأتي على الثمرة بأمر من الله - سبحانه - قبل جذاذها انتهى . 
قال ابن يونس  في كتاب محمد     : ولو انتزعته ، ثم هلك بأمر من الله ضمنته ، وكذلك الثمرة إذا جذذتها ، ثم هلكت فإنك تضمنها قاله محمد     . 
قال ابن يونس    : وأما لو اشترطت الثمرة بعد الطيب فهذه إن هلكت قبل الجذاذ بأمر من الله فرددت النخل بعيب فلترد بحصتها من الثمن ، وكذلك إن جذها رطبا فأكلها ينظر ما قيمة النخل من قيمة الثمرة ، فإن كانت مثلها رجع بنصف الثمن ، وإن كان ثلثها رجع بثلثي الثمن ، وأما إن جذها تمرا ، وعرف مكيلتها ردها إن كانت قائمة ، فإن فاتت رد مثلها مع النخل انتهى . 
فعلم أن بعض المتأخرين الذي ذكره في التوضيح عن المازري  هو ابن يونس    ( الخامس : ) مفهوم قوله : وصوف تم أنه لو اشتراها ، وليس عليها صوف ، أو عليها صوف غير تام ، ثم حصل الصوف عنده أو تم  أنه لا يرده ، وهو كذلك إذا جزه قبل الاطلاع على العيب قال اللخمي    : يختلف فيه هل يكون غلة بالتمام ، أو حتى يتعسل ، أو تجز قياسا على الثمرة هل  [ ص: 465 ] تكون غلة بالطيب ، أو باليبس ، أو بالجذاذ فالتمام نظير الطيب ، والتعسيل كاليبس ، والجز كالجذاذ انتهى . 
( قلت    : ) قالوا : إذا قال يختلف فهو تخريج منه ، والذي في المقدمات أنه ما لم يجز ، وهو تبع للغنم قال : ولو جزه المبتاع بشيء من نفقته عليها بخلاف النخل ، والفرق بينهما أن الغنم لا غلة منها سوى الصوف ، ولو جزه المبتاع بعد أن اطلع على العيب لكان جزه لها رضا بالعيب ا هـ . ونقل ابن عرفة  كلام اللخمي  ، ولم يتعقبه والظاهر ما قاله ابن رشد  والله أعلم . 
				
						
						
