ص ( أو فسدت بكجعل من غير ربه لمدينه )
ش : هذا هو الموجود في غالب النسخ ومعناها فاسد كما يفهم من كلام ابن غازي فالنسخة [ ص: 112 ] الصحيحة هي النسخة الأولى التي ذكرها ابن غازي ونص كلامه كذا في كثير من النسخ غير بالغين المعجمة والياء والراء وكمدينه بالكاف التي للتشبيه فهو كقوله في توضيحه : لا يجوز للضامن أن يأخذ جعلا سواء كان من رب الدين ، أو من المدين ، أو غيرهما وفي بعض ، وإن من عند ربه لمدينه بلفظ عند بالعين المهملة والنون والدال ولمدينه باللام وصوابه على هذا أن يقول : لا من عند ربه لمدينه بلا النافية حتى يكون موافقا لقوله في التوضيح اختلف إذا كان رب الدين أعطى المديان شيئا على أن يعطي حميلا فأجازه مالك وابن القاسم ، وغيرهم وعن وأشهب في العتبية أنه لا يصح وعنه أيضا أنه كرهه ، وقال أشهب اللخمي : وغيره الجواز أبين انتهى . وهاتان النسختان اللتان ذكرهما غير مشهورتين والنسخة المشهورة من غير ربه لمدينه كما ذكرته أولا بإسقاط وإن وغير بالغين المعجمة والياء والراء ولمدينه فاللام الجر وهذه النسخة معناها فاسد ; لأنها تدل على أن الضمان يفسد إذا دفع غير رب الدين للمديان جعلا على أن يعطي لرب الدين حميلا ، وهذا لا يصح ; لأنه تقدم في كلام ابن غازي أن الجعل لو كان من رب الدين للمديان لصح فأحرى إذا كان من غيره ولو كان بدل اللام كاف لصحت ; لأنها ترجع إلى الأولى غير أنه يدعي فيها أنه إذا كان الجعل من عند ربه أحرويا فأولى النسخ وأحسنها النسخة الأولى التي ذكرها ابن غازي ويدخل في قوله بكجعل جميع الصور التي لا يجوز فيها الحمالة لدخول الفساد بين الكفيل والطالب ، أو المطلوب كما تقدم في كلام ابن رشد .
( تنبيه ) [ ص: 113 ] ظاهر كلام المؤلف أن الضمان سقط في جميع الوجوه ونقل ابن عرفة عن اللخمي خلافه وفصل فيه ونصه لا يجوز : والضمان بجعل ابن القطان عن صاحب الأنباء إجماعا اللخمي من جعل لرجل دينارا ليتحمل له بثمن ما باعه لأجل بطلت الحمالة ، والجعل لا البيع ; لأن المشتري لا مدخل له فيما فعلاه ، ولو صح البيع ولزمت الحمالة ; لأنه غره حتى أخرج سلعته ولو علم البائع ففي سقوط الحمالة قولا كان الجعل من المشتري ولا علم للبائع ابن القاسم ومحمد قائلا : إن لم يكن للبائع في ذلك سبب اللخمي ، وعلى الأول يخير البائع في إمضاء البيع دون حمالة وفسخه ولو جهلا حرمته فلا صبغ ولا شيء على الحميل ، وعلى قول محمد تلزم الحمالة إن لم يكن للبائع في ذلك سبب ويختلف على هذا إن فلا يجوز على قول باع سلعته من رجل على أن يزن عنه فلان ثمنها بجعل من المشتري ابن القاسم أن يطلب فلانا بالثمن إن علم ذلك ; لأنه سلف بزيادة وله أخذ سلعته إن عجز المشتري عن ثمنها ، وعلى قول محمد يمضي ويلزم فلانا يريد ويسقط الجعل قال : والأول أحسن ولمحمد عن مالك وابن القاسم وغيرهم من وأشهب لا بأس به ; لأن له أخذه بحقه حالا روى قال : لرجل ضع من دينك عن فلان وأتحمل لك بباقيه لأجل آخر عنه جوازه ، وكراهته . أشهب
وقال في العتبية : لا يصلح كمن قال أعطني عشرة دراهم وأتحمل لك فالحمالة على هذا حرام والأول أبين مالك ولابن القاسم في العتبية لا بأس أن تقول : خذ هذه العشرة دنانير وأعطني بما عليك حملا ورهنا وعلى أحد أقوال لا يجوز ولو قال : أتحمل لك على أن تعطي فلانا غير الغريم دينارا لم يجز مالك ولمحمد عن من له على رجل عشرة دنانير لأجل فأسقط عنه قبل الأجل دينارين على أن يعطيه بالباقي رهنا ، أو حميلا فلا بأس به . أشهب
وقال ابن القاسم : لا يجوز اللخمي ; لأن أخذه الحميل خوف عسر الغريم عند الأجل فيجب تأخيره فأخذه الحميل بما وضع مثل ضع وتعجل انتهى وسيأتي لفظ اللخمي وفي شرح أول مسألة من كتاب الكفالة من البيان خلافه أيضا ونصه : إذا تحمل الرجل بجعل يأخذه من الطالب ، أو من المطلوب بغير علم الطالب سقطت الحمالة ورد الجعل وأما إن تحمل بجعل يأخذه من المطلوب علم الطالب فالجعل ساقط والحمالة لازمة قاله مطرف وابن الماجشون وابن وهب وأصبغ في الواضحة وابن القاسم فيها ، وفي كتاب ابن المواز ، وكذا إذا التزم العهدة عن البائع للمشتري بجعل يأخذه من المشتري ، أو من البائع بعلم المشتري ، فالجعل مردود ، والالتزام ساقط انتهى .
وانظر قوله فالجعل لازم والظاهر أنه سقط منه لفظة غير فقد قال اللخمي : إذا كان الجعل تصل منفعته للحميل رد الجعل قولا واحدا ويفترق الجواب في ثبوت الحمالة وسقوطها وفي صحة البيع وفساده وذلك على ثلاثة أوجه : فتارة تسقط الحمالة ويثبت البيع ، وتارة تثبت الحمالة والبيع ، والثالث مختلف فيه في الحمالة والبيع جميعا فإذا كان الجعل من البائع جعل لرجل دينارا ليتحمل له بما يبيع به سلعته من فلان كانت الحمالة ساقطة ; لأن محلها محل البيع ; لأنها حمالة بعوض فإذا لم يصح للحميل العوض لم تلزمه الحمالة ، والبيع صحيح ; لأن المشتري لا مدخل له فيما فعله البائع مع الحميل ، وإن كان الجعل من المشتري فقال له : تحمل عني بما أشتري به هذه السلعة ولك دينار ، والبائع غير عالم بما فعلاه كان البيع جائزا والحمالة لازمة ; لأنه غره حتى أخرج سلعته واختلف إذا علم البائع فقال ابن القاسم في كتاب محمد إذا كان ذلك بعلم صاحب الحق سقطت الحمالة يريد : ويكون بالخيار في بيعه بين أن يجيزه بغير حميل ، أو يرده ، وقال محمد : الحمالة لازمة ، وإن علم إذا لم يكن لصاحب الحق في ذلك سبب انتهى .
، وقد حمل الشارح كلام المصنف على أن الحمالة تبطل مطلقا ، وعطف عليه بقيل التفصيل بين أن يعلم ، أو لا يعلم مشى على ذلك في شرحه الأوسط والأصغر وفي الشامل بل كلامه في [ ص: 114 ] الشامل مضطرب لا يفهم ; لأنه قال مشبها في الفساد : كجعل من غير ذي دين لغريم وقيل : إن علم رب الدين وإلا لزم والجعل مردود مطلقا ، ولو جاز على الأصح وثالثها يكره انتهى ، وقد علمت أنه إذا لم يعلم صاحب الدين فلا تسقط الحمالة كما تقدم ، والله أعلم دفع الطالب للغريم شيئا ليأتيه بحميل