ص ( وإن بطل البيع في نصف الزرع لبقائه بلا أرض ) ابتاع أرضا بزرعها الأخضر فاستحق نصفها فقط واستشفع
ش : ( تتمة ) هذه المسألة قوله : ورد البائع [ ص: 333 ] نصف الثمن وله نصف الزرع وخير الشفيع أولا بين أن يشفع أو لا فيخير المبتاع في رد ما بقي ويشير إلى قوله في المدونة ومن ابتاع أرضا بزرعها الأخضر فاستحق رجل نصف الزرع الأخضر خاصة واستشفع فالبيع في النصف المستحق باطل ويبطل في نصف الزرع لانفراده بلا أرض ويرد البائع نصف الثمن ويصير له نصف الزرع وللمستحق نصف الأرض ثم يبدأ الشفيع بالخيار في نصف الأرض الباقي فإن أحب أخذه بالشفعة ولم يكن له في نصف الزرع شفعة وإن لم يستشفع خير المبتاع بين رد ما بقي في يديه من الصفقة وأخذ جميع الثمن ; لأنه استحق من صفقته ما له بال وعليه فيه الضرر وبين أن يتماسك بنصف الأرض ونصف الزرع ويرجع بنصف الثمن ، انتهى . قوله في المدونة واستشفع فالبيع في النصف المستحق باطل وهو نحو قول المصنف واستشفع وهو يوهم أن الاستشفاع شرط في بطلان البيع في نصف الأرض ; لأنه علل بطلان البيع فيه لبقائه بلا أرض ويفهم من قوله ورد البائع نصف الثمن ; لأنه يقتضي أنه يرد نصف جميع ثمن الأرض والزرع وذلك مقتض لبطلان البيع فيهما وقوله وله نصف الزرع أي للبائع نصف الزرع الذي في النصف المستحق ونقل الشارح في الكبير عن النوادر أن على البائع الكراء في النصف المستحق من الأرض ( قلت : ) وينبغي أن يجري على ما تقدم في فصل الاستحقاق وقول المصنف وخير الشفيع أولا بين أن يشفع أم لا لم يبين ما يترتب على أخذه بالشفعة وقد بين ذلك في المدونة ، وقال : إنه إن أخذ النصف الباقي من الأرض بالشفعة لم يكن له في نصف الزرع شفعة وذلك على المشهور من أن الزرع لا شفعة فيه لكنه لم يبين في المدونة لمن يكون هذا النصف من الزرع وذكر في النكت والتنبيهات فيه قولين أحدهما أنه للبائع مع النصف الأول فيصير جميع الزرع له والثاني أنه للمشتري وصوبوا هذا القول الثاني وجعلوا الأول خطأ ; لأن الشفعة بيع والأخذ إنما هو من الشفيع وعليه العهدة وفي التنبيهات أنه إذا أخذ بالشفعة فض الثمن على نصف الأرض ونصف الزرع فانظره ولا كراء على الشفيع في نصف هذا الزرع ; لأنه بمنزلة من اشترى أرضا فزرعها ثم أخذها الشفيع فلا أجرة له انظر التوضيح وأما إن لم يأخذ الشفيع بالشفعة فقد بين ما يترتب على ذلك في المدونة ويفهم من كلام المصنف وأما قول المصنف كمشتري قطعة من جنان إلى قوله ثم استحق جنان البائع فهي مسألة أخرى شبهها بمسألة بطلان البيع في نصف الزرع لبطلان البيع فيها لكون المشتري لا طريق له إلى الانتفاع بما اشتراه لكن البطلان في مسألة الزرع إنما هو ; لأن الزرع الأخضر لا يجوز بيعه إلا تبعا للأرض ولا يجوز بيعه بانفراده ; لأنه لم يبد صلاحه وصلاحه يبسه وليس المعنى أنه ليس لك أرض يبقى فيها وأنه يحكم بقلعه ألا ترى أنه للبائع بخلاف مسألة الجنان فإن موجب الفساد أنه لم يبق للمشتري طريق إلى الانتفاع بما اشتراه فالتشبيه بينهما إنما هو في فقد شرط من شروط صحة البيع ففي مسألة الزرع من شروط صحة بيعه كونه منتفعا به وقد صار غير منتفع به فتأمله ، والله أعلم .