ص ( ورتب كاتبا عدلا شرطا )
ش : اعلم أن على جهة الأولوية هذا ظاهر عباراتهم فإن ترتيبه للكاتب وللمزكي والمترجم أبا الحسن الصغير والقرافي جعلاه من آداب القضاء ، وقوله عدلا ، قال ابن فرحون : ذكر بعضهم في صفاته أربعة ، العدل ، والعقل ، والرأي ، والعفة . وقوله شرطا كذا في بعض النسخ وفي بعضها مرضيا وهي الأولى ; لأن العدالة ليست شرطا ، قال ابن فرحون في تبصرته ، قال ابن شاس : ولا تشترط العدالة في الكاتب ولعله يريد أن القاضي يقف على ما يكتب ، انتهى .
إلا أني لم أر في الجواهر ما عزاه لابن شاس ، قال ابن عبد السلام : وظاهر نصوصهم أنه لا يستعين مع القدرة إلا بالعدول فإن لم يجدهم جاز الاستعانة بغيرهم ، ثم قال : وقول ابن القاسم في المدونة ولا يستكتب القاضي أهل الذمة في شيء من أمور المسلمين ولا يتخذ قاسما من أهل الذمة ولا عبدا ولا مكاتبا ولا يستكتب من المسلمين إلا العدول المرضيين فلعل هذا مع الاختيار ، انتهى . وقال أبو الحسن إثر كلام المدونة : هذا إذا وجد وإلا الأمثل فالأمثل ، انتهى . وقال في التوضيح : ظاهر ما حكاه المتيطي عن ابن المواز إن عدالة الكاتب من باب الأولى لكن ، قال اللخمي : لا يبعد حمل قول محمد على الوجوب ، انتهى .
هذا كلامه فتأمله . وأما نظر القاضي فيما يكتبه فنقل في التوضيح عن المازري ما نصه : إن كان غير ثقة فلا بد من اطلاع القاضي على ما يكتبه فيجلس قريبا منه بحيث يشاهد ما يكتبه عنه وإن كان عدلا فالمذهب أنه مأمور بالنظر إلى ما يكتب وقد رجح بعض أشياخي وجوب ذلك على القاضي إذا كان عدلا ; لأنه إذا شاهد ما يكتب أشهد على نفسه بأمر تيقنه وإذا عول على الكاتب العدل اقتصر على أمر مظنون مع القدرة على المحقق ، انتهى كلام التوضيح ، فظاهر قول المازري فالمذهب أنه مأمور على جهة الاستحباب لقوله : [ ص: 116 ] ورجح بعض أشياخي وجوب ذلك وكذا في ابن عبد السلام إن كان غير عدل فلا بد من نظره وإن كان عدلا نظر أيضا وظاهر كلام المتقدمين أن ذلك على الاستحباب وتردد بعض الشيوخ في ذلك ومال إلى الوجوب ، انتهى كلام ابن عبد السلام ووظيفة الكاتب أن يكتب ما وقع في مجلسه من الخصوم .